(واما القول الخامس) وهو التفصيل بين الحكم الشرعى الكلى وبين غيره فلا يعتبر الاول فهو المصرح به فى كلام المحدث الأسترآباديّ لكنه صرح باستثناء استصحاب عدم النسخ مدعيا الاجماع بل الضرورة على اعتباره قال فى محكى فوائده المكية بعد ذكر اخبار الاستصحاب ما لفظه : (لا يقال) هذه القاعدة تقتضى جواز العمل بالاستصحاب فى احكام الله تعالى كما ذهب اليه المفيد والعلامة من اصحابنا والشافعية قاطبة ويقتضى بطلان قول اكثر علمائنا والحنفية بعدم جواز العمل به.
(لانا نقول) هذه شبهة عجز عن جوابها كثير من فحول الاصوليين والفقهاء وقد اجبنا عنها فى الفوائد المدنية تارة بما ملخصه ان صور الاستصحاب المختلف فيها عند النظر الدقيق والتحقيق راجعة الى انه اذا ثبت حكم بخطاب شرعى فى موضوع فى حال من حالاته نجريه فى ذلك الموضوع عند زوال الحالة القديمة وحدوث نقيضها فيه ومن المعلوم انه اذا تبدل قيد موضوع المسألة بنقيض ذلك القيد اختلف موضوع المسألتين
(اقول) انّ الظاهر من كلمات الاخباريين انكار الاستصحاب فى الشبهة الحكمية وحجيّته ان كان منشأ الشكّ والاشتباه الحكم الجزئى او الامور الخارجية وذلك بناء على ما ذهبوا اليه من لزوم الاحتياط فى الشبهة الحكمية دون الموضوعيّة واستندوا لهذا التفصيل بعدم شمول اخبار الاستصحاب لما يكون منشأ الاشتباه الشكّ فى الحكم الشرعى الكلى وباخبار التوقف والاحتياط. (وكيف كان) انّ هذا التفصيل هو المصرّح به فى كلام المحدّث الأسترآباديّ لكنه صرّح باستثناء استصحاب عدم النسخ مدّعيا الاجماع بل الضرورة على اعتباره حيث قال فى محكىّ فوائده المكيّة ما هذا لفظه اعلم انّ للاستصحاب صورتين معتبرتين باتّفاق الامّة بل اقول اعتبارهما من ضروريّات الدين.