(ثم) انه لا بأس بصرف الكلام الى بيان ان الحكم الوضعى حكم مستقل مجعول كما اشتهر فى السنة جماعة او مرجعه الى الحكم التكليفى فنقول ان المشهور كما فى شرح الزبدة بل الذى استقر عليه رأى المحققين كما فى شرح الوافية للسيد صدر الدين ان الخطاب الوضعى مرجعه الى الخطاب الشرعى وان كون الشىء سببا لواجب هو الحكم بوجوب ذلك الواجب عند حصول ذلك الشىء فمعنى قولنا اتلاف الصبى سبب لضمانه انه يجب عليه غرامة المثل او القيمة اذا اجتمع فيه شرائط التكليف من البلوغ والعقل واليسار وغيرها فاذا خاطب الشارع البالغ العاقل الموسر بقوله اغرم ما اتلفته (لا بأس) ببسط المقام وتفصيل الكلام فى شرح محلّ النقض والابرام فنقول انه لا اشكال فى استقلال كلّ واحد من الوضع والتكليف مفهوما وتفاوتهما بحسبه جزما وانّه يمكن ان يعبّر عن كلّ بما يخصّه من الخطاب اخبارا وانشاء اذ الانشاء بمجرّده قليل المئونة وليس هو الّا قصد حصول المعنى باللّفظ وشبهه كما كان الاخبار به هو حكايته وبيان تحققه فى موطنه بهما ولذا كان لنسبته خارج دونه فكلّ ما يصح الاخبار عنه يمكن انشائه غاية الأمر ربما يكون لغوا لا يترتّب عليه اثر كالأخبار به كما لا يخفى.
(ثم) انّ المراد من الأحكام التكليفية هى المجعولات الشرعية الّتى تتعلّق بافعال العباد اوّلا وبالذّات بلا واسطة وهى تنحصر بالخمسة اربعة منها تقتضى البعث والزّجر وهى الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة وواحدة منها تقتضى التخيير وهى الاباحة.
(واما الاحكام الوضعية) فهى المجعولات الشرعية الّتى لا تتضمّن البعث والزّجر ولا تتعلّق بالأفعال ابتداء اوّلا وبالذات وان كان لها نحو تعلّق بها ولو باعتبار ما يستتبعها من الأحكام التكليفية سواء تعلّق الجعل الشرعى بها ابتداء تأسيسا