الحق انها ليست الّا على الوجه الثانى فانّها امور لا قابلية لها للجعل والانشاء مثل الموجودات الخارجية فكما لا يتعقل فيها الجعل الشرعى لانّ المقصود من الجعل ان كان كينونتها على ما هى عليها فهى حاصلة ولا اثر للجعل فى ذلك اصلا وان كان كينونتها على غير ما هى عليها فهى محال وتبدّل الوجود بالوجود امر آخر ليس المحل قابلا لذلك كذلك لا يتعقّل ذلك فى السببيّة واخواتها ولا يتصوّر هذه الامور الّا ان تكون اعتبارية محضة ولا وجود لها الّا بوجود منشإ انتزاعها كالمسببيّة والممنوعيّة وكالمطلوبية للمأمور به ضرورة انّ الوجوب انما يحصل من انشاء الطلب الالزامى وبعد تحقّق انشاء الطلب يتحقق الوجوب وبذلك يحصل صفة المطلوبيّة للمأمور به ويحصل العلم بانّه محبوب او مبغوض والسببيّة القائمة بالشىء كالدّلوك بالنسبة الى وجوب الصلاة ليست من لوازم ذاته فليست هى معنى يوجب ايجاب الشارع للفعل عند حصوله اى ليست مما له تحقق خارجى ولو فرض انه كذلك لم يقبل الجعل لكونه بنفسه امرا واقعيّا حينئذ لا تناله يد الجعل اثباتا ونفيا.
(وكيف كان) قد اختلفت الاقوال فى المسألة.
(منها) انّ الاحكام الوضعيّة ليست بمجعولة بل هى امور منتزعه من الاحكام التكليفيّة وهو المشهور كما نسب اليهم المصنّف ره فى الكتاب تبعا لشرح الزّبدة بل عن شرح الوافية للسيد صدر الدين انّ الذى استقرّ عليه رأى المحقّقين انّ الخطاب الوضعى مرجعه الى الخطاب الشرعى.
(ومنها) انها امور مستقلة مجعولة بجعل على حدة كالحكم التكليفى مطلقا وهو المنسوب الى اكثر المتأخرين سيّما متأخّرى متاخّريهم كالشيخ محمد تقى فى هداية المسترشدين واخيه صاحب الفصول وصاحب الاشارات حتى قيل انه بالغ فى ذلك الى الغاية.
(ومنها) القول بالتفصيل بين الصحة والفساد وبين غيرهما من ساير الاحكام الوضعيّة بدعوى المجعوليّة فى الثانى دون الاوّلين وهو المنسوب الى العضدى