(ومنها) بناء العقلاء على ذلك فى جميع امورهم كما ادعاه العلامة فى النهاية واكثر من تأخر عنه وزاد بعضهم انه لو لا ذلك لاختل نظام العالم واساس عيش بنى آدم وزاد آخر ان العمل على الحالة السابقة امر مركوز فى النفوس حتى الحيوانات ألا ترى ان الحيوانات تطلب عند الحاجة المواضع التى عهدت فيها الماء والكلاء والطيور يعود من الاماكن البعيدة الى او كارها ولو لا البناء على ابقاء ما كان لم يكن وجه لذلك.
(والجواب) ان بناء العقلاء انما يسلم فى موضع يحصل لهم الظن بالبقاء لاجل الغلبة فانهم فى امورهم عاملون بالغلبة سواء وافقت الحالة السابقة او خالفها ألا ترى انهم لا يكاتبون من عهدوه فى حال لا يغلب فيه السلامة فضلا عن المهالك الاعلى سبيل الاحتياط لاحتمال الحياة ولا يرسلون اليه البضائع للتجارة ولا تجعلونه وصيا فى الاموال او قيما على الاطفال ولا يقلدونه فى هذا الحال اذا كان من اهل الاستدلال وتراهم لو شكوا فى بقاء الحكم الشرعى او نسخه يبنون على البقاء ولو شكوا فى رافعية المذى شرعا للطهارة فلا يبنون على عدمها.
(اقول) بناء العقلاء عبارة عن بنائهم على سلوك طريق ظنى فى امور معاشهم وقبل الخوض فى بيان هذا الدليل الذى استدلوا به على حجية الاستصحاب لا بأس بالاشارة الى الفرق بين (بناء العرف) (والسيرة) (وبناء العقلاء) فنقول انّ لها جهة اشتراك وهو كونها من عمل الناس وجهة افتراق وهى انه تارة يكون فى مقام فهمهم مداليل الالفاظ والخطابات واخرى من حيث تديّنهم بالدين وتشرّعهم بالشرع وثالثا من حيث كونهم من العقلاء فيسمى الاول ببناء العرف والثانى بالسيرة المستمرّة بين المسلمين ولها شروط ذكرت فى محله منها كونها مستمرة الى زمان المعصوم عليهالسلام فلا يعتنى بالسيرة فى الامور المستحدثة ومنها