(ثم اعلم) انه بقى هنا شبهة اخرى فى منع جريان الاستصحاب فى الاحكام التكليفية مطلقا وهى ان الموضوع للحكم التكليفى ليس إلّا فعل المكلف ولا ريب ان الشارع بل كل حاكم انما يلاحظ الموضوع بجميع مشخصاته التى لها دخل فى ذلك الحكم ثم يحكم عليه وحينئذ فاذا امر الشارع بفعل كالجلوس فى المسجد مثلا فان كان الموضوع فيه هو مطلق الجلوس فيه الغير المقيد بشيء اصلا فلا اشكال فى عدم ارتفاع وجوبه إلّا بالاتيان اذ لو ارتفع الوجوب بغيره كان ذلك الرافع من قيود الفعل وكان الفعل المطلوب مقيدا بعدم هذا القيد من اول الامر والمفروض خلافه وان كان الموضوع فيه هو الجلوس المقيد بقيد كان عدم ذلك (اقول) الفرق بين الشبهتين مع رجوع كل منهما الى منع جريان الاستصحاب الحكمى لا يكاد ان يخفى لانّ الشبهة التى ذكرها الفاضل التّونى كانت مبنية على وجوب الرّجوع الى الدليل اللفظى عند الشكّ فلا مجرى للاستصحاب من هذه الجهة وهذه الشبهة مبنيّة على كون الشكّ المتحقق دائما من الشك فى الموضوع فلا معنى لجريان الاستصحاب فيه وبينهما فرق آخر وهو انّ الممنوع عند صاحب الشبهة الاولى الرّجوع الى الاستصحاب الحكمى ابتداء ويجوز تبعا ومقتضى هذه الشبهة عدم جريانه مطلقا لا ابتداء ولا تبعا.
(وكيف كان) تفصيل البحث فى الفرق بينهما ان هذه الشبهة غير الشبهة التى ذكرها الفاضل التونى لمنع جريان الاستصحاب فى الحكم التكليفى الرّاجع الى عدم فرض الشكّ الخالى عن الدليل فى الحكم الشرعى حتى يرجع الى الاستصحاب فان هذه الشبهة راجعة الى كون الشك المتحقّق دائما من الشكّ فى الموضوع فلا معنى لجريان الاستصحاب ومحصل الشبهة ان موضوع التكاليف ليس الّا فعل المكلف ولا ريب انّ الحاكم انما يلاحظ الموضوع بجميع مشخصاته ومن جملتها الزمان