المفروض ، وقد مرّ سابقا أيضا تحقيق ذلك ؛ فتذكّر واغتنم.
وأمّا ثانيا : فلأنّ هذه العمومات على تقدير شمولها لما نحن فيه معارضة بما هو أقوى وأرجح منها من وجوه شتّى من أكثر الوجوه السالفة المعتضدة بما مرّت إليه الإشارة ، فلا بدّ من تخصيصها بذاك ؛ جمعا بين الأدلّة ، وعملا بالقاعدة المقرّرة.
ولئن أغمضنا عن الترجيح ، فلا بدّ من التوقّف والرجوع إلى الأصل ، ومقتضاه ما اخترناه.
وأمّا ثالثا : فلأنّها على فرض سلامتها عمّا مرّ ، إنّما تقتضي البقاء بالإضافة إلى بعض الصور والأحكام المومئ إليها ، لا مطلقا ، ومقتضاه التفصيل في المسألة ، إلّا أن يتمّ بعدم القول بالفصل فيها المدّعى في المفاتيح (١) ، ولكنّه ـ كما ترى ـ لا يخلو عن شيء ؛ لإمكان المعارضة بالمثل من وجه ، بل أكثر ؛ فتدبّر.
وأمّا رابعا : فلأنّها على فرض سلامتها عمّا مرّ ، إنّما تتمّ فيما إذا لم يكن المفتي الحيّ الجامع للشرائط أعلم من الميّت المفروض ، أو لم نقل بوجوب الأخذ بفتوى الأعلم والأورع والرجوع إليه.
وأمّا إذا كان أعلم وأورع وقلنا بوجوب الأخذ بفتواه ، فحينئذ يقع التعارض بينها وبين ما دلّ على وجوب الأخذ بفتوى الأعلم والأورع تعارض العامّين من وجه ، فلا بدّ إمّا من التفصيل أيضا بما لا قائل به ظاهرا في المسألة ؛ وإمّا من التوقّف والرجوع إلى الأصل ، ومقتضاه المختار ؛ وإمّا من الترجيح ، وهو أيضا مع ما دلّ على المختار ؛ فتأمّل فيه جدّا.
وأمّا خامسا : فلأنّه لو صحّ هذا الوجه ، لزم فيما إذا قلّد المفتي وبنى عمله على فتواه ثمّ حصل بعد العمل الرجوع للمفتي فيما أفتى به عنه إلى خلافه ، أن لا يصحّ للمقلّد البقاء على ما عدل عنه ، مع علمه بعدوله عنه إلى خلافه. واللازم باطل ، فكذا الملزوم.
__________________
(١) مفاتيح الاصول ، ص ٦٢٤.