أقول : وفي معناهما أحاديث كثيرة جدّا ، ولا يخفى دلالتها على وجوب الرجوع إلى رواة الحديث ، وأنّ قول كلّ واحد منهم حجّة فيما يرويه ، لا فيما يقوله من عند نفسه. وحينئذ يظهر حجّيّة اتّفاقهم على العمل بخبر وترك معارضه بالضرورة. وهذا هو القسم الثاني من الإجماع ، بل هو شامل للأوّل أيضا.
الحادي عشر : ما رواه العامّة والخاصّة من قوله عليهالسلام « لا تجتمع امّتي على الخطأ » . (١) وفي رواية اخرى « على ضلالة » . (٢)
وقد تقدّم نقله في جملة الحديث الثاني ، ومعلوم أنّ الاعتبار إنّما هو برئيس الامّة وهو الإمام ، فلا بدّ من تحقيق قوله. وفائدة انضمام الباقي إليه من الإماميّة هو نفي احتمال التقيّة ؛ لأنّه قد علم بالتتبّع أنّ أحاديث التقيّة قد كانت مرجوحة لا يعمل بها إلّا النادر ؛ فكان هذا الإجماع ـ وهو القسم الأوّل أو الثاني ـ حجّة ومرجّحا قطعيا عند اختلاف الأحاديث ، وهو ما أشرنا إليه.
الثاني عشر : ما رواه الكليني وغيره من المحدّثين في أحاديث كثيرة في مدح المؤمنين والشيعة والشهادة لهم بالنجاة بطريق الحصر ، ووجوب الرجوع إلى رواة الحديث منهم ، وأنّهم حجّة على الشيعة في زمن الغيبة. ويأتي بعض من أشرنا إليه وتقدّم بعضه ، فعلم وجوب العمل بما اتّفقوا على روايته ونقله ؛ ويأتي له مزيد تحقيق إن شاء الله.
__________________
(١) رواه من الخاصّة الفضل بن شاذان في الإيضاح ، ص ٥٢٦ لكن ردّه بأنّه خبر واحد ، وكذلك محمّد طاهر القمّي في كتابه الأربعين ، ص ١٣٠ ، ومن العامّة ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، ج ٢٠ ، ص ٣٣ ، والكتاني في نظم المتناثر ، ص ١٦١ ، ح ١٧٩.
(٢) رواه من الخاصّة الحرّاني في تحف العقول ، ص ٤٥٨ ، والطبرسي في الاحتجاج ، ج ٢ ، ص ٢٥١ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ٢٠ ، ح ٣٠ ، ومن العامّة ابن ماجة في سننه ، ج ٢ ، ص ١٣٠٢ ، ح ٣٩٥٠ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ، ج ٧ ، ص ٢٢١.