ويكره التراسل ، ولو تشاحوا قدم الأعلم ، ومع التساوي القرعة ،
______________________________________________________
اختيارا لأمر غير موظف غير محبوب ، فلا ينبغي فعله.
فلو اقتضى التّأخير انتظار الإمام ، أو حصول السّاتر ، أو تطهير نجاسة ونحو ذلك فلا مانع من ذكر الله ، ولا يرد أن الزائد بدعة لعدم توظيفه ، ولما سيأتي من أن الأذان الثّاني بدعة لأن المقصود بالمجموع أذان واحد ، وإن تعدّد بتعدد محلّه ، وإنّما البدعة ما يكون أذانا ثانيا بحيث يعد موظفا.
قوله : ( ويكره التّراسل ).
هو بناء كل واحد على فصول الآخر ، مأخوذ من التّوافق للنّصال ، وإنّما يكره لأن كلّ واحد منهما لم يؤذن.
قوله : ( ولو تشاحّوا قدم الأعلم ، ومع التّساوي القرعة ).
أي : لو اجتمع اثنان فصاعدا كلّ منهم يريد الأذان قدم الأعلم ، أي : بأحكام الأذان ، وهو المناسب للإطلاق ، وفي الذّكرى : قدم الأعلم بالأوقات (١) ، والأوّل أولى لأنّه يشمله. فان تساووا في العلم فالقرعة ، لقول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لو يعلم النّاس ما في الأذان والصّف الأوّل ، ثم لم يجدوا إلاّ أن يستهموا عليه لفعلوا » (٢) ، ولقولهم عليهمالسلام : « كلّ أمر مجهول فيه القرعة » (٣).
والّذي يقتضيه النّظر تقديم من فيه الصّفات المرجحة في الأذان على غيره ، فان اشتركوا قدم جامع الكلّ على فاقد البعض ، وجامع الأكثر على جمع الأقل ، وينبغي تقديم العدل على الفاسق مطلقا ، لأن المؤذّن أمين ولا أمانة للفاسق ، وهي غير موثوق بها فيه.
ومع التّساوي يقدم الأعلم بأحكام الأذان أو الأوقات كما في الذّكرى (٤) ، لأمن الغلط معه ، وتقليد أرباب الأعذار له ، والمبصر على الأعمى لمثل ذلك ، فان
__________________
(١) الذكرى : ١٧٢.
(٢) صحيح البخاري ١ : ١٥٩ باب ٩ ، سنن النسائي ٢ : ٢٣ ، مسند أحمد ٢ : ٥٣٣ ، وفي جميع المصادر : « ما في النداء » و « لاستهموا ».
(٣) الفقيه ٣ : ٥٢ حديث ١٧٤ ، التهذيب ٦ : ٢٤٠ حديث ٥٩٣ ولم ترد كلمة ( أمر ) فيهما.
(٤) الذكرى : ١٧٢.