______________________________________________________
كون أوّل وقت الجمعة هو زوال الشّمس ، هو مذهب أكثر علمائنا ، بل أكثر العلماء. وجوز المرتضى فعلها عند قيامها (١) ، والنّص والإجماع حجّة عليه ، لندور المخالف وانقراض القائل بقوله.
وأمّا أنّ آخره ( إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله ) ، فهو قول الشّيخ (٢) وجمع من المتأخّرين (٣). قال في الذّكرى : ولم نقف لهم على حجّة (٤) ، إلاّ أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصلّي دائما في هذا الوقت (٥). قال في التذكرة : فلو جاز التّأخير عما حدّدناه لأخّرها في بعض الأوقات (٦).
وهذا إن تم لا يدلّ على أنّ آخر الوقت ما ذكروه ، إذ من المعلوم أنّه عليهالسلام ما كان يبلغ بصلاته إلى ما حدّدوه. وقال أبو الصّلاح بخروج وقتها بمضي ما يسع الأذان والخطبتين والصّلاة ، فيصلّي الظّهر حينئذ (٧). ورده في التّذكرة بقول الباقر عليهالسلام : « وقت الجمعة إذا زالت الشّمس وبعده بساعة » (٨) (٩).
ووجه المنافاة له غير ظاهر ، ويأول قول الباقر عليهالسلام : « إن من الأمور ، أمورا مضيّقة ، وأمورا موسّعة ، فإن صلاة الجمعة من الأمر المضيق ، إنّما لها وقت واحد
__________________
(١) حكاه عنه الشيخ في الخلاف ١ : ١٤٢ مسألة ٣٦ صلاة الجمعة ، وقال ابن إدريس في السرائر : ٦٤ : لم أجد للسيد المرتضى تصنيفا ولا مسطورا بما حكاه شيخنا عنه. ولعل شيخنا أبا جعفر سمعه من المرتضى في الدرس وعرفه منه مشافهة دون المسطور ، وهذا هو العذر البيّن ، فان الشيخ ما يحكي ـ بحمد الله تعالى ـ الا الحق اليقين ، فإنه أجل قدرا وأكثر ديانة من أن يحكي عنه ما لم يسمعه ويحققه منه.
(٢) قال السيد العاملي في مفتاح الكرامة ٣ : ٥١ : ولم أجد للشيخ فيما يحضرني من كتبه عبارة ظاهرة في ذلك سوى عبارة المبسوط ( ١ : ١٤٧ ) وهي : إن بقي من وقت الظهر ما يأتي بخطبتين خفيفتين.
(٣) منهم : الشهيد في الألفية : ٧٦.
(٤) الذكرى : ٢٣٥.
(٥) التهذيب ٣ : ١٢ حديث ٤٢.
(٦) التذكرة ١ : ١٤٣.
(٧) الكافي في الفقه : ١٥٣.
(٨) التذكرة ١ : ١٤٣.
(٩) الفقيه ١ : ٢٦٧ حديث ١٢٢٣.