وكذا ما يشبه البيع على إشكال.
______________________________________________________
وفيه نظر ، إذ لا يلزم من كون الشيء غير مطلوب للشّارع أن يكون فاسدا ، بمعنى أن لا يترتّب عليه أثره ، إذ لا دليل على هذه الملازمة ، ونقل الشّيخ عن بعض الأصحاب الانعقاد (١) ، واختاره المصنّف (٢) والمتأخّرون (٣) ، وهو الأصحّ ، لأنّه بيع صدر من أهله ، أي : مالك جائز التصرّف في محله ، لأنّ الفرض أنّ كلا من العوضين قابل لذلك والصّيغة على الوجه المعتبر ، فيجب الوفاء به ، لقوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٤).
والنّهي وإن دل على أنّ المفعول غير مطلوب للشّارع ، إلاّ أنّه لا دلالة له على عدم ترتّب أثره عليه ، بخلاف النّهي في العبادة ، لأنّ المنهي عنه لا يكون قربة ، فلا يكون مجزئا ، لعدم استجماعه جميع الأمور المعتبرة في المأمور به ، فلا يوافق الأمر ، ولا يسقط القضاء ، فلا يكون صحيحا.
ومبنى المسألة على أنّ النّهي لا يدلّ على الفساد في المعاملات ، بخلاف العبادات ، وتحقيقه في الأصول.
قوله : ( وكذا ما يشبه البيع على إشكال ).
المراد بما يشبه البيع : نحو الإجارة والصّلح والنّكاح والطلاق ، وغير ذلك من العقود والإيقاعات ، بل يمكن أن يقال : يتوجّه الإشكال في المحاكمات وقسمة التركات (٥) ، ونحو ذلك مما يعد شاغلا كالبيع.
ومنشأ الإشكال من أنّ النصّ إنّما ورد بترك البيع ، فيقتصر على مورده ، لأصالة عدم التّحريم في غيره ، وامتناع العمل بالقياس ، ومن أنّ في الآية إيماء إلى العلة ، وهي موجودة في محلّ النّزاع ، فإنّ قوله سبحانه ( ذلِكُمْ ) أي : السّعي إلى
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٥٠.
(٢) المختلف : ١٠٨.
(٣) منهم : المحقق في المعتبر ٢ : ٢٩٧ ، والشرائع ١ : ٩٨ ، والشهيد في الدروس : ٤٣.
(٤) المائدة : ١.
(٥) في « ح » : الزكاة.