ولو سقطت عن أحدهما فهو سائغ له خاصة.
______________________________________________________
ذكر الله وترك البيع ( خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) (١) جرى مجرى التعليل لما قبله الّذي من جملته ترك البيع ، ولا شبهة في مشاركة الإجارة والصّلح ، بل سائر ما سبق ذكره يشارك البيع في ذلك ، فيشاركه في الحكم بالتّحريم.
وتخصيص البيع بالذكر لأنّ فعله كان أكثريا ، لأنّهم كانوا يهبطون من قراهم وبواديهم ، وينصبّون الى المصر من كلّ أوب لأجل البيع والشّراء.
ويمكن أن يحتجّ بوجه آخر ، وهو أنّ ظاهر الآية وجوب السّعي بعد النّداء على الفور ، وان لم يكن ذلك من نفس الأمر ، لأنّ الأمر بترك البيع قرينة إرادة المسارعة ، فيكون كل ما شأنه أن يكون منافيا له ومنجرا إلى التراخي عنه مأمورا بتركه ، فيكون محرّما ، وهذا هو الأصحّ.
واعلم أنّ شيخنا الشّهيد في الذّكرى قال : ولو حملنا البيع على المعاوضة المطلقة ، الّذي هو معناه الأصلي ، كان مستفادا من الآية تحريم غيره ، وفي الحمل عليه بعد ، لأنّه خلاف المعنى الشّرعي.
ثم احتج على التّحريم بأنّ الأمر بالشيء يستلزم النّهي عن ضده (٢) ، وفي دلالته على ما يحاوله نظر.
إذا عرفت هذا ، فلا فرق في التّحريم بين كون البيع شاغلا عن السّعي أو لا ، حتّى لو باع في خلال (٣) سعيه كان حراما ، لإطلاق قوله تعالى ( وَذَرُوا الْبَيْعَ ) (٤) ولأنّه مظنة الإفضاء إلى التراخي في السّعي ، بانجراره الى ما يقتضي ذلك ، فيكون تحريمه مطلقا حسما للمادة ، وكذا القول في مشاركته.
قوله : ( ولو سقطت عن أحدهما فهو سائغ له خاصّة ).
أي : دون الآخر الّذي هو مخاطب بها ، لانتفاء المقتضي للتحريم في حق غير
__________________
(١) الجمعة : ٩.
(٢) الذكرى : ٢٣٨.
(٣) في « ن » : حال.
(٤) الجمعة : ٩.