والشامي لأهل الشام ، وعلامتهم جعل بنات نعش حال غيبوبتها خلف الأذن اليمنى ، والجدي خلف الكتف اليسرى إذا طلع ، ومغيب سهيل على العين اليمنى ، وطلوعه بين العينين ،
______________________________________________________
وحيث ظهر ابتناء الحكم على قول ضعيف ، مع أنّ البعد الكثير لا يؤمن معه الانحراف الفاحش بالميل اليسير ، كان الإعراض عن هذا التّياسر استحبابا وجوازا أقرب إلى الصّواب ، فان البعيد إنّما يستقبل الجهة ، فربّما لا تكون الكعبة مسامتة للمصلّي ، وتكون قبلته حينئذ محاذية لما يسامتها في الجهة بحيث لا يميل عنه يمينا ولا يسارا ، فلو انحرف أدنى انحراف خرج عن الاستقبال.
قوله : ( والشاميّ لأهل الشّام ، وعلامتهم جعل بنات النّعش حال غيبوبتها خلف الأذن اليمنى ).
أي : والرّكن الشّامي لأهل الشّام ومن والاهم ، يستقبلون جهته ، ومن علاماتهم جعل بنات النّعش الكبرى حال غيبوبتها ، وهو غاية انحطاطها إلى جهة المغرب ، فإنّها تدور مع الفرقدين خلف الأذن اليمنى ، والّذي يراد بجعلها خلف الأذن اليمنى إمّا الموضع الّذي تدنو فيه من الغروب ، أو وسطها تقريبا.
قوله : ( والجدي خلف الكتف اليسرى إذا طلع ).
المراد بطلوعه : استقامته مجازا لأنّه لا يغرب ، ووجه التجوّز أنّه إنّما يكون علامة عند استقامته ، فكأنه وقت وجوده.
قوله : ( ومغيب سهيل على العين اليمنى وطلوعه بين العينين ).
المراد بطلوعه : أوّل ما يبدو ، لأنّه يطلع منحرفا عن نقطة الجنوب إلى جانب المشرق يسيرا ، وكلّما أخذ في الارتفاع مال إلى المغرب غير بعيد ، ثم ينحط للغروب كذلك.
وقد يوجد في بعض حواشي الكتاب : إنّ المراد بطلوعه غاية ارتفاعه ، وهو غلط قطعا بحسب مدلول اللّفظ والواقع ، لأنّ غاية الارتفاع لا يسمّى طلوعا ، ولا يمكن التجوز به هنا لعدم القرينة ، وتحقّق الطّلوع الحقيقي المقتضي للإخلال بالفهم ، وأمّا الواقع فقد علم أنّه إذا ارتفع كان مغربا عن قبلة الشّامي.