ـ وفي الندب قولان ـ وعند الذبح ، وبالميت في أحواله السابقة.
______________________________________________________
قوله : ( وفي النّدب قولان ).
أي : وفي الاستقبال في ندب الصلوات قولان :
أحدهما : الوجوب (١) ، على معنى أنّ النّافلة لا تشرع من دونه فيكون شرطا لشرعيّتها ، لأنّ المعلوم من فعل النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والأئمة عليهم الصّلاة والسّلام هو الصّلاة إلى القبلة ، ولم ينقل عنهم فعل النّافلة حال الاستقرار والاختيار إلى غير القبلة ، والتأسي واجب ، ولأن فعلها إلى غير القبلة لم تثبت شرعيّته فيكون بدعة حراما ، ولظاهر قوله عليهالسلام : « صلوا كما رأيتموني أصلي » (٢) ، أوجب متابعته في صلاته وهي تقع على الفرض والنفل ، وهذا هو الأصحّ.
والثّاني : العدم (٣) ، لامتناع وجوب الكيفية مع ندب الفعل.
وجوابه : إنّ الوجوب هنا يراد به أحد أمرين ، إما كونه شرطا للشّرعية مجازا لمشاركته الواجب في كونه لا بدّ منه ، فمع المخالفة يأثم بفعل النّافلة إلى غير القبلة ، أو كون وجوبه مشروطا ، بمعنى أنّه إن فعل النّافلة وجب فعلها إلى القبلة ، فمع المخالفة يأثم بترك الاستقبال وبفعلها إلى غير القبلة معا ، وهذا المعنى يثبت على تقدير دلالة قوله عليهالسلام : « صلّوا كما رأيتموني أصلّي » على وجوب الاستقبال ، وإلا فالمعنى الأوّل.
إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ للأصحاب القائلين بوجوب الاستقبال في النّافلة اختلافا ، فأوجب ابن ابي عقيل الاستقبال فيها مطلقا كالفريضة ، إلا في موضعين : حال الحرب ، والمسافر يصلّي أينما توجّهت به دابته ، كذا حكى عنه في المختلف (٤) وجوّز الشّيخ فعلها للراكب والماشي ، في السّفر والحضر (٥) ، ـ وهو الأصحّ ـ لرواية حماد بن عثمان ، عن الكاظم عليهالسلام (٦) ، والحسين بن المختار ، عن الصّادق عليهالسلام (٧) ،
__________________
(١) نسبه في المختلف : ٧٩ الى ابن ابي عقيل كما سيأتي.
(٢) صحيح البخاري ١ : ١٦٢.
(٣) ممن ذهب اليه ابن حمزة في الوسيلة : ٨٤ ، والمحقق الحلي في شرائع الإسلام ١ : ٦٦.
(٤) المختلف : ٧٩.
(٥) المبسوط ١ : ٧٩.
(٦) التهذيب ٣ : ٢٢٩ حديث ٥٨٩.
(٧) المعتبر ٢ : ٧٧.