والأعمى يقلّد المسلم العارف بأدلة القبلة.
______________________________________________________
لأنّه راجح (١) ، والأصحّ المنع إلا أن تنضمّ الى الأخبار مرجحات أخر ، فيكون التّعويل على الاجتهاد لا على الأخبار. ولا فرق في ذلك بين كون المخبر قاطعا بالقبلة أو مجتهدا ، سواء العدل وغيره. والوقت كالقبلة في ذلك.
وقيل بالاكتفاء بشهادة العدل المخبر عن يقين فيهما ، وهو ضعيف لأنّه مخاطب بالاجتهاد ، ولم يثبت الاكتفاء بذلك.
أمّا الشّاهدان ـ وهما المخبران عن يقين ـ فيلوح من عبارة شيخنا الشّهيد في قواعده عدم الخلاف في الرّجوع إليهما ، وفيه قوّة لأنّهما حجّة شرعيّة.
قوله : ( والأعمى يقلّد المسلم العارف بأدلة القبلة ).
إن أمكن للأعمى معرفة القبلة باليقين بلمس المحراب والقبر ، وتحصيل القطع بالمشرق والمغرب ومحلّ القطب مثلا ، تعين عليه مع انتفاء المشقة ، ولم يجز التقليد حينئذ. وكذا لو أمكن معرفة القبلة بشهادة العدول ، ولا تكفي شهادة العدل الواحد مع إمكان الشاهدين.
فان تعذّر ذلك كلّه قلد العدل العارف بأدلّة القبلة ، المخبر عن يقين أو اجتهاد ، وإن كان الرّجوع إلى الأوّل لا يسمى تقليدا إلا مجازا ، سواء كان رجلا أو امرأة ، حرّا أو عبدا.
وظاهر إطلاق عبارة المصنّف عدم اشتراط العدالة ، والصّحيح اشتراطها لوجوب التّثبت عند خبر الفاسق ، ولا يكفي الرّجوع إلى الصّبي لفقد العدالة ، خلافا للشّيخ في المبسوط (٢).
فان تعذّر العدل ففي جواز الرّجوع إلى الفاسق ، بل وإلى الكافر عند تعذّر المسلم وجهان : أصحّهما العدم ، فيصلّي إلى أربع جهات لوجوب التثبّت عند خبر الفاسق ، وظاهر الخلاف منعه من التّقليد مطلقا ، ووجوب الصّلاة إلى أربع (٣) ، والأصحّ الأوّل لما في تكرار الصّلاة دائما من لزوم الحرج العظيم.
__________________
(١) الذكرى : ١٦٤.
(٢) المبسوط ١ : ٨٠.
(٣) الخلاف ١ : ٥٧ مسألة ٤٩ من كتاب الصلاة.