ولو فقد البصير العلم والظن قلّد كالأعمى ، مع احتمال تعدد الصلاة.
______________________________________________________
قوله : ( ولو فقد البصير العلم والظّن قلّد كالأعمى ، مع احتمال تعدد الصّلاة ).
المراد بفقده الأمرين : جهله بعلامات القبلة ، وعدم إمكان التّعلم إمّا لضيق الوقت أو لكونه إذا عرّف لا يعرف ، وفيه للأصحاب قولان مرتبان على القولين في الأعمى.
فإن أوجبنا الأربع هناك فهنا أولى لوجود حسّ البصر ، وإن جوّزنا التّقليد أمكن هنا وجوب الأربع للفرق بوجود البصر والاكتفاء ، لأن وجود البصر مع فقد البصيرة كلام وجوده إذ لا ينتفع به حينئذ ، فهو كالأعمى بل أسوأ ، لقوله تعالى : ( فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) (١).
والتحقيق : إنّه إن تعذّر على العامي التّعلم ـ لكونه لا يعرف إذا عرّف ، كما فرضه المصنّف في التذكرة ـ (٢) فهو كالأعمى بل أسوأ ، وإن كان تعذّر تعلمه لضرورة ضيق الوقت ، أو فقد المعلّم الآن ، ونحو ذلك فهو أشبه شيء بالعارف إذا فقد العلامات لغيم وشبهه ، خصوصا بوجوب تعلم العلامات عينا ، فان لم يلزم من هذا التّفصيل إحداث قول ثالث صلى إلى أربع ، وإلا اكتفى بالتّقليد تمسكا بأصالة البراءة.
أمّا العارف بالعلامات إذا غمّت عليه ، فظاهر الأصحاب صلاته إلى أربع لندور ذلك ، ولأن الاستقبال واجب وقد أمكن بالأربع ، والتّقليد ممنوع منه بثبوت وصف الاجتهاد ، ولقول الصّادق عليهالسلام في مرسلة خداش وقد قال له : إن هؤلاء المخالفين يقولون : إذا أطبقت علينا وأظلمت ، ولم نعرف السماء كنّا وأنتم سواء في الاجتهاد ، فقال : « ليس كما يقولون ، إذا كان كذلك فليصل لأربع وجوه » (٣).
وما في المختلف إلى جواز التّقليد لأنّه يفيد الظّن ، والعمل به واجب في
__________________
(١) الحج : ٤٦.
(٢) التذكرة ١ : ١٠٢.
(٣) التهذيب ٢ : ٤٥ حديث ١٤٤ ، الاستبصار ١ : ٢٩٥ حديث ١٠٨٥.