ولو حضر الجمعة بعد ذلك لم تجب عليه.
الثالثة : إذا زالت الشمس لم يجز السفر لتعيّن الجمعة.
______________________________________________________
بل يستحب تقديم الظهر في أول الوقت كغيره من الأيام.
قوله : ( ولو حضر الجمعة بعد ذلك لم تجب عليه ).
أي : ولو صلح لأن يكون مخاطبا بها بعد فعل الظهر ، كما لو أعتق العبد أو حضر المسافر أو بريء المريض أو زال العرج لم تجب عليه الجمعة ، لسقوط التكليف عنه بفعل الظهر ، وامتناع وجوب الفرضين ، واستثني من ذلك الصبي إذا صلى الظهر ثم بلغ في وقت الجمعة ، فإنها تجب عليه كما تجب عليه إعادة الظهر في غير يوم الجمعة لو كان قد صلاها أولا ، لتعلق الخطاب به بعد البلوغ.
قوله : ( الثالثة ، إذا زالت الشمس لم يجز السفر لتعين الجمعة ).
أجمع علماؤنا وأكثر العامة (١) على أنه لا يجوز لمن وجبت عليه الجمعة إنشاء السفر بعد الزوال قبل أن يصليها ، حكى ذلك العلامة في التذكرة والمنتهى (٢) ، واستدل عليه في التذكرة بقوله عليهالسلام : « من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة لا يصحب في سفره ولا يعان على حاجته » (٣) والوعيد لا يترتب على المباح ، وبأن ذمته مشغولة بالفرض والسفر مستلزم للإخلال به ، فلا يكون سائغا ، ومبنى هذا الاستدلال على أن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده الخاص ، وقد تقدم الكلام فيه مرارا.
ويتوجه عليه أيضا أنه على هذا التقدير يلزم من تحريم السفر عدم تحريمه وكل ما أدّى وجوده إلى عدمه فهو باطل ، أما الملازمة فلأنه لا مقتضي لتحريم السفر إلا استلزامه لفوات الجمعة كما هو المفروض ، ومتى حرم السفر لم تسقط
__________________
(١) منهم الشافعي في الأم ١ : ١٨٩ ، وابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٢ : ١٦١ ، ٢١٧ ، والغمراوي في السراج الوهاج : ٨٤.
(٢) التذكرة ١ : ١٤٤ ، والمنتهى ١ : ٣٣٦.
(٣) التذكرة ١ : ١٤٤.