وضابطه أن لا يقيم في بلد عشرة أيام. فلو أقام أحدهم عشرة ثم أنشأ سفرا قصّر ،
______________________________________________________
وينبغي أن يكون المرجع في ذلك إلى العرف لأنه المحكّم في مثله ، وبه قطع العلاّمة في جملة من كتبه (١) ، والشهيد في الذكرى لكنه قال : إن ذلك إنما يحصل غالبا بالسفرة الثالثة التي لم يتخلل قبلها إقامة تلك العشرة (٢).
واعتبر ابن إدريس في تحقق الكثرة ثلاث دفعات ، ثم قال : إن صاحب الصنعة من المكارين والملاّحين يجب عليهم الإتمام بنفس خروجهم إلى السفر ، لأن صنعتهم تقوم مقام تكرر من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره (٣).
واستقرب العلاّمة في المختلف تعلق الإتمام في ذي الصنعة وغيره ممن جعل السفر عادته بالدفعة الثانية (٤).
ولم نقف لهذين القولين على مستند سوى ادعاء كل منهما دلالة العرف على ما ذكره ، وحيث قد عرفت أن الحكم بالتمام ليس منوطا بالكثرة وإنما هو معلق على اسم المكاري والجمّال ومن اتخذ السفر عمله وجب اعتبار صدق هذا الاسم ، سواء حصل بدفعتين أو بأزيد. ومن ذلك يعلم أن من لم يكن السفر عمله يجب عليه التقصير وإن سافر عشر سفرات متوالية ، لأن الحكم ليس منوطا بالكثرة وإنما هو بما ذكرناه من الأوصاف.
قوله : ( وضابطه أن لا يقيم في بلده عشرة أيام ، فلو قام أحدهم عشرة ثم أنشأ سفرا قصّر ).
هذا الضابط بمنزلة الشرط في وجوب إتمام كثير السفر كما صرح به في المعتبر حيث قال : وظاهر هذه الروايات لزوم الإتمام للمذكورين يعني المكاري ومن شاركه في الحكم كيف كان ، لكن الشيخ ـ رحمهالله ـ يشترط أن لا يقيموا
__________________
(١) التذكرة ١ : ١٩١ ، والقواعد ١ : ٥٠.
(٢) الذكرى : ٢٥٨.
(٣) السرائر : ٧٦.
(٤) المختلف : ١٦٣.