(وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) نصب على المصدر ، لأنّ «فضّل» بمعنى : أجر ، والمفعول الثاني لتضمّنه معنى الإعطاء ، كأنّه قيل : وأعطاهم زيادة على القاعدين أجرا عظيما.
(دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً) كلّ واحد منها بدل من «أجرا». ويجوز أن ينتصب درجات على المصدر ، كأنّه قيل : فضّلهم تفضيلات ، كقولك : ضربته أسواطا ، وأجرا على الحال عنها ، تقدّمت عليها لأنّها نكرة. ومغفرة ورحمة على المصدر بإضمار فعلهما ، بمعنى : غفر لهم ورحمهم مغفرة ورحمة.
قيل : كيف قال أوّلا : فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ، ثم قال ثانيا : فضّل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات ، وهذا متناقض الظاهر.
وأجيب : بأنّ المراد بالأوّل ما خوّلهم في الدنيا من الغنيمة والظفر وجميل الذكر ، والثاني ما جعل لهم في الآخرة.
وفي الحديث : «إنّ الله تعالى فضّل المجاهدين على القاعدين سبعين درجة ، بين كلّ درجتين مسيرة سبعين خريفا للفرس الجواد المضمر».
والمراد بالدرجة الأولى ارتفاع منزلتهم عند الله تعالى ، كما يقال : فلان أعلى درجة عند الخليفة من فلان ، يريدون بذلك أنه أعظم منزلة ، وبالدرجات منازلهم في الجنّة. أو القاعدون الأوّل هم الأضرّاء ، والقاعدون الثاني هم الّذين أذن لهم في التخلّف اكتفاء بغيرهم ، فإنّ الجهاد فرض على الكفاية. أو المجاهدون الأوّلون من جاهد الكفّار ، والآخرون من جاهد نفسه ، وعليه قوله عليهالسلام : «رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر».
(وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لما عسى أن يفرط منهم (رَحِيماً) بما وعد لهم.