صلاتهم. وهو مرويّ عن عبد الله بن مسعود. وهو مذهب أبي حنيفة.
(وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) يعني : وليكونوا حذرين من عدوّهم ، متأهّبين لقتالهم بأخذ الأسلحة ، أي : آلات الحرب. وهذا يدلّ على أنّ الفرقة المأمورة بأخذ السلاح في الأوّل هم المصلّون دون غيرهم.
ثم بيّن ما لأجله أوجب أخذ السلاح عليهم بقوله : (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ) في القتال حين اشتغالكم بالصلاة (فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً) تمنّوا أن ينالوا منكم غرّة في صلاتكم فيشدّون عليكم شدّة واحدة.
ثم رخّص لهم في وضع الأسلحة فقال : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً) أي : نالكم (مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى) أعلّاء أو جرحى ، فثقل بسبب المطر أو المرض أخذ الأسلحة ، وضعفتم عن حملها (أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ) وهذا ممّا يدلّ على أنّ الأمر بأخذ الأسلحة للوجوب دون الندب (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) أمرهم مع ذلك بأخذ الحذر ما دام ممكنا لهم وإن كان مع مشقّة ، لئلّا يغفلوا فيحمل عليهم العدوّ.
(إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) هذا وعد للمؤمنين بأنّه سبحانه يهين عدوّهم ، وينصرهم عليهم بعد الأمر بالحزم ، لتقوى قلوبهم ، وليعلموا أنّ الأمر بالحزم ليس لضعفهم وغلبة عدوّهم ، بل لأنّ الواجب أن يحافظوا في الأمور على مراسم التيقّظ والتدبّر ، فيتوكّلوا على الله تعالى.
وفي الآية دلالة على صدق النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحّة نبوّته ، وذلك أنّها نزلت والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعسفان (١) والمشركون بضجنان (٢) ، فتواقفوا فصلّى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأصحابه
__________________
(١) عسفان قرية جامعة بها منبر ونخيل ومزارع على ستّة وثلاثين ميلا من مكّة. معجم البلدان ٤ : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٢) ضجنان : بالتحريك ، قيل : جبيل على بريد من مكّة ... وقال الواقدي : بين ضجنان ومكّة خمسة وعشرون ميلا. معجم البلدان ٣ : ٤٥٣.