والمريد الّذي لا يعلق بخير. وأصله الملاسة ، ومنه : (صَرْحٌ مُمَرَّدٌ) (١) ، وغلام أمرد ، وشجرة مرداء للّتي تناثر ورقها.
(لَعَنَهُ اللهُ) صفة ثانية للشيطان ، أي : أبعده الله عن الخير ، بإيجاب الخلود في نار جهنّم (وَقالَ) بعد أن لعنه الله (لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) عطف عليه ، أي : شيطانا مريدا جامعا بين لعنة الله وهذا القول الشنيع الدالّ على فرط عداوته للناس. والمفروض بمعنى المقطوع ، أي : نصيبا قدّر لي وفرض ، من قولهم : فرض له في العطاء. وأصل الاتّخاذ أخذ الشيء على وجه الاختصاص ، فكلّ من أطاعه فإنّه من نصيبه وحزبه ، كما قال سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ) (٢).
وروي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في هذه الآية : «من بني آدم تسعة وتسعون في النار ، وواحد في الجنّة».
وفي رواية أخرى : «من كلّ ألف واحد لله ، وسائرهم للنار ولإبليس».
أوردها أبو حمزة الثمالي في تفسيره.
وقد برهن سبحانه وتعالى أوّلا على أنّ الشرك ضلال في الغاية ، على سبيل التعليل بأن ما يشركون به ينفعل ولا يفعل فعلا اختياريا ، وذلك ينافي الالوهيّة غاية المنافاة ، فإنّ الإله ينبغي أن يكون فاعلا غير منفعل.
ثم استدلّ عليه بأنّه عبادة الشيطان ، وهي أفظع الضلال لثلاثة أوجه :
الأوّل : أنّه مريد منهمك في الضلال ، لا يعلّق بشيء من الخير والهدى ، فتكون طاعته ضلالا بعيدا عن الهدى.
والثاني : أنّه ملعون لضلاله ، فلا تستجلب مطاوعته سوى الضلال واللعن.
__________________
(١) النمل : ٤٤.
(٢) الحجّ : ٤.