(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) جملة قسميّة وقعت صفة لمحذوف. والتقدير : وإن من أهل الكتاب أحد إلّا ليؤمننّ به ، ونحوه (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) (١) (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (٢). ويعود إليه الضمير الثاني ، والأوّل لعيسى. فالمعنى : وما من اليهود والنصارى أحد إلّا ليصدّقنّ بعيسى ، وبأنّه عبد الله ورسوله ، قبل موته ولو حين تزهق روحه ، ولا ينفعه إيمانه ، لانقطاع وقت التكليف. وهذا كالوعيد لهم والتحريض على معاجلة الإيمان به قبل أن يضطرّوا إليه ، ولم ينفعهم إيمانهم.
وقيل : الضميران لعيسى. والمعنى : أنّه لمّا نزل من السماء آمن به أهل الملل جميعا.
وفي الروايات الصحيحة المتواترة عن ابن عبّاس وأبي مالك والحسن وقتادة وابن زيد : أنّ عيسى عليهالسلام ينزل من السماء وقت خروج المهديّ عليهالسلام في آخر الزمان وخروج الدجّال فيهلكه ، ولا يبقى أحد من أهل الملّة إلّا يؤمننّ به ، حتى تكون الملّة واحدة ، وهي ملّة الإسلام ، ويصلّي خلف المهديّ من آل محمد صلوات الله عليهم ، وتقع الأمنة حتى ترتع الأسود مع الإبل ، والنمور مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيّات ، ويلبث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفّى ، ويصلّي عليه المسلمون ويدفنونه.
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ) يعني : عيسى (عَلَيْهِمْ شَهِيداً) فيشهد على اليهود بالتكذيب ، وعلى النصارى بأنّهم دعوه ابن الله.
ذكر عليّ بن إبراهيم في تفسيره (٣) أنّ أباه حدّثه عن سليمان بن داود المنقري ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن شهر بن حوشب ، قال : «قال لي الحجّاج بن يوسف : آية من كتاب الله قد أعيتني ، وهي قوله : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ) ،
__________________
(١) الصافّات : ١٦٤.
(٢) مريم : ٧١.
(٣) تفسير عليّ بن إبراهيم القمي ١ : ١٥٨.