غير مقبول ، كما لم يقبل إيمان فرعون في حال اليأس عند زوال التكليف.
ويقرب من هذا ما رواه الإماميّة أن المحتضرين من جميع الأديان يرون رسول الله وخلفاءه عند الوفاة. وقد روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام قالا : «حرام على روح أن تفارق جسدها حتى ترى محمدا وعليّا بحيث تقرّ عينها أو تسخن».
وعن عليّ عليهالسلام أنّه قال للحارث الهمداني :
يا حار همدان من يمت يرني |
|
من مؤمن أو منافق قبلا |
يعرفني طرفه وأعرفه |
|
بعينه واسمه وما فعلا |
ولا يبعد أن يقال : إنّ المراد برؤيتهم في تلك الحال العلم بثمرة ولايتهم وعداوتهم على اليقين ، بعلامات يجدونها من نفوسهم ، ومشاهدة أحوال يدركونها ، كما قد روي أنّ الإنسان إذا عاين الموت أري في تلك الحالة ما يدلّه على أنّه من أهل الجنّة أو من أهل النار.
(فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا) فبأيّ ظلم عظيم منهم (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) أي : ما حرّمنا عليهم الطيّبات إلّا لظلم عظيم ارتكبوه ، يعني : ما ذكره في قوله : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) (١). فكلّما أذنبوا ذنبا حرّم عليهم بعض الطيّبات (وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً) ناسا كثيرا ، أو صدّا كثيرا.
(وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) كان الربا محرّما عليهم كما هو محرّم علينا.
وفيه دليل على دلالة النهي على التحريم. (وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) بالرشوة الّتي كانوا يأخذونها من عوامهم في تحريف الكتاب وسائر الوجوه المحرّمة (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) دون من تاب وآمن ، كما قال جلّ ذكره : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ) الثابتون فيه ، المتقنون له ، المدارسون بالتوراة ، وهم من آمن منهم ، كعبد الله بن سلام وأصحابه من علماء اليهود.
__________________
(١) الأنعام : ١٤٦.