ولمّا بيّن الله في أوّل السورة بعض سهام الفرائض ، ختم السورة ببيان ما بقي من ذلك ، ليوافق الاختتام الافتتاح ، فقال : (يَسْتَفْتُونَكَ) أي : في الكلالة. وهو اسم للاخوة والأخوات ، على ما روي عن أئمّتنا عليهمالسلام. وقيل : هي ما سوى الوالد والولد. وقد مرّ (١) تفصيله في أوائل السورة. وحذفت لدلالة الجواب عليه. قالوا إنّه آخر ما نزل من أحكام الدين.
روي أنّ جابر بن عبد الله كان مريضا فعاده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا رسول الله إنّ لي كلالة فكيف أصنع في مالي؟ فنزلت : (قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) ذكر وأنثى (وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ). ارتفع «امرؤ» بفعل يفسّره الظاهر. و «ليس له ولد» صفة له ، أو حال عن المستكن في «هلك» أي : غير ذي ولد. والواو في «وله» يحتمل الحال والعطف. والمراد بالأخت الأخت من الأبوين أو الأب ، لأنّ ذكر أولاد الأمّ قد سبق (٢) في أوائل السورة ، ولأنّه جعل أخاها عصبة ، وقال : (فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وابن الأمّ لا يكون عصبة. وقد مرّ في آية المواريث أنّ الأخت للأمّ لها السدس مسوّى بينها وبين أخيها.
(وَهُوَ يَرِثُها) أي : المرء يرث أخته كلّ المال إن كان الأمر بالعكس (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) أي : إذا كانت غير ذات ولد ، ذكرا كان أو أنثى. وقد دلّت السنّة والإجماع على أنّهم لا يرثون مع الأب.
(فَإِنْ كانَتَا) أي : فإن كان من يرث الاخوة (اثْنَتَيْنِ) تثنية الضمير محمولة على الخبر (فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ) أي : ممّا ترك الأخ أو الأخت من التركة.
وفائدة الإخبار عنه باثنتين التنبيه على أنّ الحكم باعتبار العدد دون الصغر والكبر وغيرهما.
(وَإِنْ كانُوا) وإن كان من يرث بالأخوّة. وجمع الضمير باعتبار الخبر كما
__________________
(١) راجع ص : ١٧.
(٢) راجع ص : ٢١.