العباد ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) يعني : مناسك الحجّ وأعماله.
جمع شعيرة ، وهي اسم ما أشعر ، أي : ما جعل شعارا. سمّي به أعمال الحجّ ومواقفه ، لأنّها علامات الحجّ وأعلام النسك. وقيل : الهدايا المعلمة للذبح بمكّة.
وقيل : دين الله ، لقوله : (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) (١) أي : دينه. وقيل : فرائضه الّتي حدّها لعباده. فالمعنى : لا تحلّوا حرمات الله ، ولا تتعدّوا حدوده. والأوّل أصحّ وأشهر بين المفسّرين.
وروي عن أبي جعفر عليهالسلام : أنّ العرب كانوا لا يرون الصفا والمروة من الشعائر ، ولا يطوفون بينهما ، فناهم الله عن ذلك بهذه الآية.
(وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) بالقتال فيه ، كما قال سبحانه : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) (٢) أو بالنسيء ، كقوله : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) (٣). وهو تأخير حرمة الشهر إلى شهر آخر ، ويجيء (٤) تفصيل ذلك في سورة التوبة. والأشهر الحرم هي : رجب ، وشوّال ، وذو القعدة ، وذو الحجّة.
(وَلَا الْهَدْيَ) ما أهدي إلى الكعبة ، جمع هدية ، كجدي في جمع جدية السرج ، وهي شيء يحشى ثم يربط تحت دفّتي السرج.
(وَلَا الْقَلائِدَ) أي : ذوات القلائد من الهدي. وعطفها على الهدي للاختصاص وزيادة التوصية بها ، فإنّها أشرف الهدي ، كقوله : (وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) (٥). أو القلائد نفسها. والنهي عن إحلالها مبالغة في النهي عن التعرّض للهدي ، كأنّه قيل : ولا تحلّوا قلائدها ، فضلا عن أن تحلّوها. ونظيره قوله : (وَلا
__________________
(١) الحج : ٣٢.
(٢) البقرة : ٢١٧.
(٣) التوبة : ٣٧.
(٤) راجع ج ٣ / ١١٠.
(٥) البقرة : ٩٨.