يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) (١) فنهي عن إبداء الزينة مبالغة في النهي عن إبداء مواقعها. والقلائد جمع قلادة ، وهي ما قلّد به الهدي من نعل أو غيره ليعلم به أنّه هدي فلا يتعرّض له.
وإحلال هذه الأشياء أن يتهاون بحرمتها ويضيّع ، وأن يحال بينها وبين المتنسّكين بها ، وأن يحدث في أشهر الحجّ ما يصدّ الناس به عن الحجّ ، وأن يتعرّض للهدي بالغصب أو بالمنع من بلوغ محلّه.
(وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) قاصدين لزيارته ، وهم الحجّاج والعمّار (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ) في الآخرة (وَرِضْواناً) أي : يطلبون أن يثيبهم ويرضى عنهم.
والجملة في موضع الحال من المستكن في «آمّين» ، وليست صفة ، لأنّه عامل والمختار أنّ اسم الفاعل الموصوف لا يعمل. والمراد استنكار تعرّض من هذا شأنه.
وقيل : معناه يبتغون من الله رزقا بالتجارة ورضوانا بزعمهم ، إذ روي أنّ الآية نزلت في رجل يقال له الحطم بن هند البكري حين أتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وحده وخلّف خيله خارج المدينة ، فقال : إلى ما تدعو؟ قال : أدعوا إلى شهادة أن لا إله إلّا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة. فقال : حسن ، فأنظرني لعلّي أسلم ، ولي من أشاوره.
وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد قال لأصحابه : يدخل عليكم اليوم من يتكلّم بلسان شيطان.
فلمّا خرج قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لقد دخل بوجه كافر ، وخرج بعقب غادر. فمرّ بسرح (٢) من سروح المدينة فساقه وانطلق به ، ثم أقبل في عام قابل حاجّا قد قلّد هديا ، فأراد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يبعث إليه ، فنزلت : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ).
وعلى التقديرين ، معنى الآية : لا تقاتلوهم ، لأنّ من قاتل فقد أحلّ ، فكأنّه قال : لا تحلّوا قتال الآمّين البيت الحرام ، وهو بيت الله بمكّة ، سمّي حراما لحرمته.
وقيل : لأنّه يحرم فيه ما يحلّ في غيره.
وعلى التقدير الأخير ، فالآية منسوخة بآية (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
__________________
(١) النور : ٣١.
(٢) السرح : الماشية.