وَجَدْتُمُوهُمْ) (١). ولم ينسخ من المائدة غير هذه الآية. وهذا قول أكثر المفسّرين.
وقيل : لم ينسخ من هذه السورة شيء ولا من هذه الآية ، لأنّه لا يجوز أن يبدأ المشركين بالقتال إلّا إذا قاتلوا. وهو قول ابن جريج والحسن ، ويروى عن الباقر عليهالسلام.
وهو أيضا موافق لما ورد أنّ المائدة آخر ما نزلت.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أحلّوا حلالها ، وحرّموا حرامها».
وأيضا التخصيص خير من النسخ.
وذكر أبو مسلم أنّ المراد به الكفّار الّذين كانوا في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا زال العهد بسورة براءة زال ذلك الحظر ، ودخلوا في حكم قوله تعالى : (فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) (٢).
(وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) إذن في الاصطياد بعد زوال المحرّم وهو الإحرام ، فهو إباحة بعد الحظر ، كأنّه قيل : وإذا حللتم فلا جناح عليكم أن تصطادوا.
(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) لا يحملنّكم أو لا يكسبنّكم (شَنَآنُ قَوْمٍ) شدّة بغضهم وعداوتهم. «جرم» مثل «كسب» في تعديته إلى مفعول واحد واثنين ، تقول : جرم ذنبا وجرمته إيّاه ، وكسب شيئا وكسبته إيّاه. والشنآن مصدر أضيف إلى المفعول أو الفاعل.
وقرأ ابن عامر وإسماعيل عن نافع وابن عيّاش عن عاصم بسكون النون. وهو أيضا مصدر كالليّان (٣) ، أو نعت بمعنى : بغيض قوم. وفعلان في النعت أكثر.
وقوله : (أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) متعلّق بـ «شنآن» أي : لأن صدّوكم عنه عام الحديبية. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر الهمزة ، على أنّه شرط معترض ، وجوابه محذوف أغنى عنه قوله : «لا يجر منّكم».
__________________
(١) التوبة : ٥.
(٢) التوبة : ٢٨.
(٣) ليّان مصدر : لوى يلوي أمره عنّي ، أي : طواه وأخفاه.