متّفقون على وجوب دخول المرفقين في المغسول والابتداء بهما. واختلفوا في «إلى» ، فبعضهم يجعلونها بمعنى «مع» ، كقوله : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) (١) وقوله : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) (٢) ، أو يجعلونها متعلّقة بمحذوف ، تقديره : وأيديكم مضافة إلى المرافق ، فيدخل المرفق ضرورة. وبعضهم قائلون إنّها على حقيقتها ، وهو انتهاء الغاية ، فيدخل المرفق أيضا ، لأنّه لمّا لم يتميّز الغاية عن ذي الغاية بمحسوس وجب دخولها.
قال في كنز العرفان : «والحقّ أنّها للغاية ، ولا تقتضي دخول ما بعدها فيما قبلها ولا خروجه ، لوروده معهما. أمّا الدخول فكقولك : حفظت القرآن من أوّله إلى آخره ، ومنه : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) (٣). وأمّا الخروج فك (أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (٤) و (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) (٥). وحينئذ لا دلالة على دخول المرفق». وكذا لا دلالة له على الابتداء بالمرفق ولا بالأصابع ، لأنّ الغاية قد تكون للغسل ، وقد تكون للمغسول ، وهو المراد هاهنا ، بل كلّ من الابتداء والدخول مستفاد من بيان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّه توضّأ وابتدأ بأعلى الوجه وبالمرفقين وأدخلهما ، على ما وردت الأخبار الصحيحة عن أئمّتنا المعصومين عليهمالسلام ، وإلّا لكان خلاف ذلك هو المتعيّن ، لأنّه قال : هذا وضوء لا يتقبّل الله الصلاة إلّا به ، أي : بمثله ، وحينئذ فلا يكون الابتداء بالأعلى وبالمرفقين ودخولهما مجزيا ، بل يكون بدعة ، لكن الإجماع على خلافه» (٦). وفيه ما فيه.
__________________
(١) هود : ٥٢.
(٢) آل عمران : ٥٢ ، الصفّ : ١٤.
(٣) الإسراء : ١.
(٤) البقرة : ١٨٧.
(٥) البقرة : ٢٨٠.
(٦) كنز العرفان ١ : ٩ ـ ١٠.