تذهب إثمه وتستره (إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ).
اختلف في مقدار ما يعطى كلّ مسكين ، فقال الشافعي : مدّ من طعام. وقال أبو حنيفة : نصف صاع من حنطة ، أو صاع من شعير أو تمر ، وكذلك سائر الكفّارات. وقال أصحابنا : يعطى كلّ واحد مدّين أو مدّا على أصحّ الروايتين. والمدّ رطلان وربع. ويجوز أن يجمعهم على ما هذا قدره ليأكلوه. ولا يجوز أن يعطى خمسة ما يكفي عشرة. فإن كان المساكين ذكورا أو إناثا جاز ذلك ، ولكن وقع بلفظ التذكير ، لأنّه يغلّب في كلام العرب.
(مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ) من أقصده في النوع أو القدر ، فإنّ من الناس من يسرف في إطعام أهله ، ومنهم من يقتر. وأفضله الخبز واللحم ، وأدونه الخبز والملح.
ومحلّ (مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ) النصب ، لأنّه صفة مفعول محذوف ، تقديره : أن تطعموا عشرة مساكين طعاما من أوسط ما تطعمون. أو الرفع على البدل من «إطعام». وأهلون كأرضون.
(أَوْ كِسْوَتُهُمْ) عطف على «إطعام» ، أو «من أوسط» إن جعل بدلا. قيل : لكلّ واحد منهم ثوب. وهو مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة : ما يقع عليه اسم الكسوة. والّذي رواه أصحابنا أنّ لكلّ واحد ثوبين : مئزرا وقميصا ، وعند الضرورة يجزي قميص واحد.
(أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أو إعتاق إنسان ، عبد أو أمة. والرقبة يعبّر بها عن جملة الشخص. وهو كلّ رقبة سليمة من الآفات والعاهات ، صغيرة كانت أو كبيرة ، مؤمنة كانت أو كافرة ، لأنّ اللفظة مطلقة مبهمة ، إلّا أنّ المؤمن أفضل عند أبي حنيفة. وأمّا عند أصحابنا الإيمان شرط فيها ، للرواية الصحيحة عن أئمّتنا عليهمالسلام. وهذه الثلاثة واجبة على التخيير. وقيل : إنّ الواجب منها واحد لا بعينه. وبيان هذا الاختلاف