الخبيثة ، فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ) قال ابن عبّاس : يريد بالخمر جميع الأشربة الّتي تسكر ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الخمر من تسع : من البتع ، وهو العسل ، ومن العنب ، ومن الزبيب ، ومن التمر ، ومن الحنطة ، ومن الذرة ، والشعير ، والسلت».
(وَالْمَيْسِرُ) المراد جميع أنواع القمار ، ومنها اللعب بالنرد ، والشطرنج ، ولعب الصبيان بالجوز والبيض. (وَالْأَنْصابُ) أي : الأصنام الّتي نصبت للعبادة.
(وَالْأَزْلامُ) أقداح القمار. وقد سبق (١) تفسيرها في أوائل السورة.
(رِجْسٌ) خبيث قذر تعاف عنه العقول. وإفراده لأنّه خبر للخمر ، وخبر المعطوفات محذوف. أو لمضاف محذوف ، كأنّه قال : إنّما تعاطي الخمر والميسر.
(مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) لأنّه مسبّب عن تسويله وتزيينه (فَاجْتَنِبُوهُ) الضمير لعمل الشيطان ، أو للرجس ، أو لما ذكر ، أو للتعاطي (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) لكي تفلحوا بالاجتناب عنه.
واعلم أنّ الله تعالى أكّد تحريم الخمر والميسر في هذه الآية ، بأن صدّر الجملة بـ «إنّما». وقرنهما بالأنصاب والأزلام. ولهذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «شارب الخمر كعابد الوثن».
وسمّاهما رجسا. وجعلهما من عمل الشيطان ، تنبيها على أنّ الاشتغال بهما شرّ بحت. وأمر بالاجتناب عن عينهما. وجعله سببا يرجى منه الفلاح.
ثمّ قرّر ذلك بأن بيّن ما فيهما من المفاسد الدنيويّة والدينيّة المقتضية للتحريم ، فقال : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ) إنّما خصّهما بإعادة الذكر ، وشرح ما فيهما من الوبال ، تنبيها على أنّهما المقصود بالبيان ، وذكر الأنصاب والأزلام للدلالة على أنّهما مثلهما في الحرمة والشرارة. وخصّ الصلاة من الذكر للتعظيم ،
__________________
(١) راجع ص : ٢١٥.