(لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) يتعلّق بمحذوف ، أي : فعليه الجزاء أو الإطعام أو الصوم ، ليذوق ثقل فعله ، وسوء عاقبة هتكه لحرمة الإحرام أو الحرم ، أو الثقل الشديد على مخالفة أمر الله تعالى. وأصل الوبل الثقل ، ومنه الطعام الوبيل.
(عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) من قتل الصيد محرما في الجاهليّة ، أو قبل التحريم ، أو في هذه المرّة. (وَمَنْ عادَ) أي : ومن عاد ثانيا عمدا إلى قتل الصيد (فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) فهو ممّن ينتقم الله منه عقوبة بما صنع ، ولا كفّارة. وهل ذلك مانع من وجوب الكفّارة عليه أم لا؟ قال ابن عبّاس : نعم ، وبه قال أكثر أصحابنا. وقال الحسن وابن جبير وعامّة الفقهاء : لا ، بل تجب ، وبه قال بعض أصحابنا. (وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) ممّن أصرّ على عصيانه.
ثمّ بيّن سبحانه ما يحلّ من الصيد وما يحرم ، فقال : (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ) أي : مصيداته. وهي ما صيد منه ممّا لا يعيش إلّا في الماء. والمعنى : أحلّ لكم الانتفاع من لحمه الطريّ (وَطَعامُهُ) أي : وأحلّ لكم طعام البحر ما كان مملوحا قديدا عندنا وعند أبي حنيفة. ولا يحلّ منه إلّا السمك الّذي له فلس. وعند الشافعي كلّ مصيدات البحر حلال. وإنّما سمّي طعاما لأنّه يدّخر ليطعم ، فيصير كالمقتات من الأغذية. وقيل : المراد ما يقذفه البحر ميّتا. وهو مرويّ عن ابن عمر وقتادة. والّذي يليق بمذهبنا هو الأوّل.
(مَتاعاً لَكُمْ) نصب على الغرض ، أي : ليتمتّعوا من أكله. تمتيعا لكم (وَلِلسَّيَّارَةِ) ولسيّارتكم ، أي : لمسافريكم يتزوّدونه طريّا وقديدا.
(وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ) أي : ما صيد فيه ، أو الصيد فيه. فعلى الأوّل يحرم على المحرم ما صاده الحلال فيه ، وإن لم يكن للمحرم فيه مدخل. وهذا موافق لمذهبنا. (ما دُمْتُمْ حُرُماً) أي : محرمين.
(وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) هذا أمر منه تعالى بأن يتّقى جميع معاصيه ، ويجتنب جميع محارمه ، لأنّ إليه الرجوع في الوقت الّذي لا يملك أحد فيه الضرر