رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ) تظهر لكم (تَسُؤْكُمْ) تكرهوا وتحزنوا (وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ) أي : في زمان الوحي (تُبْدَ لَكُمْ) يظهر لكم جوابها فتكرهوه وتغتمّوا ، فلا تتكلّفوا السؤال عنها في حال.
والشرطيّة وما عطف عليها صفتان لـ «أشياء» ، وهما كمقدّمتين تنتجان ما يمنع السؤال ، وهو أنّه ممّا يغمّهم ، والعاقل لا يفعل ما يغمّه.
و «أشياء» اسم جمع كطرفاء ، غير أنّه قلبت لامه فجعلت لفعاء.
وقيل : أفعلاء ، حذفت لامه ، جمع لشيء على أنّ أصله : شيّئ كهيّن ، أو شيء كصديق ، فخفّف. وقيل : أفعال ، جمع له من غير تغيير ، كبيت وأبيات. ويردّه منع صرفه.
(عَفَا اللهُ عَنْها) صفة أخرى ، أي : عن أشياء عفا الله عنها ولم يكلّف بها ، إذ روي أنّه لمّا نزلت : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) (١) قال سراقة بن مالك أو عكاشة بن محصن : يا رسول الله في كلّ عام كتب علينا الحجّ؟ فأعرض عنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى أعاد ثلاثا ، فقال : «ويحك وما يؤمنك أن أقول : نعم؟ والله لو قلت : نعم لوجبت ، ولو وجبت ما استطعتم ، ولو تركتم لكفرتم ، فاتركوني ما تركتكم ، فإنّما هلك من قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه». فنزلت هذه الآية.
أو استئناف ، أي : عفا الله عمّا سلف من مسألتكم ، فلا تعودوا إلى مثلها.
(وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) لا يعاجلكم بعقوبة ما يفرط منكم ، ويعفو عن كثير.
وعن ابن عبّاس : «أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يخطب ذات يوم وهو غضبان من كثرة ما يسألون عنه ممّا لا يعنيهم ، فقال : لا أسأل عن شيء إلّا أجبت. فقال رجل : أين
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.