أبي؟ قال : في النار. وقال آخر : من أبي؟ فقال : حذافة بن قيس ، وكان يدعى لغيره». فنزلت.
وقال مجاهد : كان ابن عبّاس إذا سئل عن الشيء لم يجيء فيه أثر يقول : هو من العفو ، ثمّ يقرأ هذه الآية.
ثمّ أخبر سبحانه أنّ قوما سألوا مثل سؤالهم ، فلمّا أجيبوا إلى ما سألوا كفروا ، فقال : (قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ) الضمير ليس براجع إلى «أشياء» حتّى يجب تعديته بـ «عن» ، وإنّما هو راجع إلى المسألة الّتي دلّ عليها «تسألوا» ، فلذلك لم يعدّ بـ «عن». والمعنى : قد سأل هذه المسألة قوم. أو إلى «أشياء» بحذف الجارّ. (مِنْ قَبْلِكُمْ) متعلّق بـ «سألها». وليس صفة لـ «قوم» ، فإنّ ظرف الزمان لا يكون صفة للجثّة ، ولا حالا منها ، ولا خبرا عنها. (ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ) أي : بسببها حيث لم يأتمروا بما سألوا جحودا ، كبني إسرائيل كانوا يسألون أنبياءهم عن أشياء ، فإذا أمروا بها تركوها فهلكوا ، وكقوم عيسى سألوه إنزال المائدة ثمّ كفروا بها ، وقوم صالح سألوه الناقة ثمّ عقروها وكفروا بها.
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : «أنّ الله افترض عليكم فرائض فلا تضيّعوها ، وحدّ لكم حدودا فلا تعتدوها ، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلّفوها».
واعلم أنّ الّذي يجوز السؤال عنه هو ما يجوز العمل عليه في الأمور الدينيّة والدنيويّة ، وما لا يجوز العمل عليه في أمور الدين والدنيا لا يجوز السؤال عنه ، فعلى هذا لا يجوز أن يسأل الإنسان من أبي؟ لأنّ المصلحة قد اقتضت أن يحكم على كلّ من ولد على فراش إنسان بأنّه ولده وإن لم يكن مخلوقا من مائه ، فالمسألة بخلاف ذلك سفه لا يجوز.