هاهنا للتفصيل لا للتخيير ، فإنّ المعنى : أو آخران من غيركم إن لم تجدوا شاهدين منكم.
وقيل : المعنى : ذوا عدل من عشيرتكم ، فإنّهم أعلم بأحوال الميّت وبما هو أصلح ، أو آخران من غير عشيرتكم. والأوّل أقوى وأصحّ.
وذهب جماعة إلى أنّ الآية كانت في شهادة أهل الذمّة ثمّ نسخت. وعلماؤنا قائلون إنّ هذه الآية محكمة وردت في شهادة أهل الذمّة. ويقوّي هذا القول تتابع الآثار على أنّها من محكم القرآن وآخر ما نزل.
(إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) أي : سافرتم فيها (فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) أي : قاربتكم. يعني : إن وقعت أمارة موتكم في السفر ، ولم يكن معكم رجلان عدلان منكم ، فاستشهدوا على الوصيّة آخرين من غيركم ، أي : من أهل الذمّة.
(تَحْبِسُونَهُما) صفة لـ «آخران» أي : تقفونهما. والشرط بجوابه المحذوف المدلول عليه بقوله : (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) اعتراض ، فائدته الدلالة على أنّه ينبغي أن يشهد اثنان منكم ، فإن تعذّر ـ كما في السفر ـ فمن غيركم.
أو استئناف ، كأنّه قيل : كيف نعمل إن ارتبنا بالشاهدين؟ فقال : تحبسونهما ليحلفا.
(مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) اللام للعهد ، أي : صلاة العصر ، فإنّ الناس كانوا يحلفون بالحجاز بعد صلاة العصر ، لاجتماع الناس وتكاثرهم في ذلك الوقت ، وتصادم ملائكة النهار والليل فيه. وهو المرويّ عن أبي جعفر عليهالسلاموقتادة وسعيد ابن جبير وغيرهم. وقيل : صلاة الظهر. وقيل : أيّ صلاة كانت. وقيل : من بعد صلاة أهل دينهما ، يعني : الذمّيّين.
(فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ) أي : ارتاب الوارث منكم ، وشكّ في أمانتهما (لا