للتقريع على التكذيب بالبعث ، والإشارة إلى البعث وما يتبعه من الثواب والعقاب (قالُوا بَلى) هو حقّ (وَرَبِّنا) أكّدوا اعترافهم به وأقرّوا به باليمين لانجلاء الأمر غاية الجلاء (قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) بسبب كفركم ، أو ببدله. وإنّما قال : «ذوقوا» لأنّهم في كلّ حال يجدون ذلك وجدان الذائق المذوق في شدّة الاحساس.
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ) إذ فاتهم النعيم ، واستوجبوا العذاب المقيم.
والمراد لقاء ما وعد الله به من البعث وما يتبعه من الثواب والعقاب. وجعل لقاءهم لذلك لقاء له تعالى مجازا. وهذا منقول عن ابن عبّاس والحسن.
(حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ) غاية لـ «كذّبوا» لا لـ «خسر» لأنّ خسرانهم لا غاية له (بَغْتَةً) فجأة من غير أن علموا وقتها. ونصبها على الحال ، بمعنى باغتة ، أو المصدر ، فإنّها نوع المجيء ، كأنّه قيل : بغتتهم الساعة بغتة. ولمّا كان الموت وقوعا في أحوال الآخرة ومقدّماتها جعل من جنس الساعة ، وسمّي باسمها ، ولذلك
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من مات فقد قامت قيامته».
أو جعل مجيء الساعة بعد الموت لسرعته كالواقع بغير فترة ، فتحسّرهم عند موتهم لا ينافي هذه الغاية.
(قالُوا) عند معاينة ذلك اليوم وأهواله ، وتباين أحوال أهل الثواب والعقاب (يا حَسْرَتَنا) أي : تعالي فهذا أوانك (عَلى ما فَرَّطْنا) قصّرنا (فِيها) في الحياة الدنيا ، أضمرت وإن لم يجر ذكرها للعلم بها. أو في الساعة ، يعني : في شأنها والإيمان بها ، كما تقول : فرّطت في فلان ، ومنه : (فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ) (١). (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) تمثيل لاستحقاقهم أثقال الآثام. وهو مثل قوله :
__________________
(١) الزمر : ٥٦.