(فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (١) لأنّ الأثقال تحمل على الظهور في العادة ، كما أنّ الكسب يكون في الأيدي.
روي أنّ المؤمن إذا خرج من قبره استقبله أحسن شيء صورة وأطيبه ريحا فيقول : أنا عملك الصالح طال ما ركبتك في الدنيا فاركبني أنت اليوم ، فذلك قوله : (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) (٢) أي : ركبانا. وأنّ الكافر إذا خرج من قبره استقبله أقبح شيء صورة وأخبثه ريحا فيقول : أنا عملك السيّء طال ما ركبتني في الدنيا فأنا أركبك اليوم ، وذلك قوله : (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ). (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) بئس شيئا يزرونه وزرهم ، بحذف المخصوص بالذمّ.
(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) وما أعمالها (إِلَّا لَعِبٌ) وهو الّذي لا يعقّب نفعا (وَلَهْوٌ) وما يلهي الناس ويشغلهم عمّا يعقّب منفعة دائمة ولذّة حقيقيّة. وهو جواب لقولهم : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا).
(وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ) وما فيها من أنواع النعيم (خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) لدوامها وخلوص منافعها ولذّاتها. وقوله : (لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) تنبيه على أنّ ما سوى أعمال المتّقين لعب ولهو. وقرأ ابن عامر : ولدار الآخرة. تقديره : ولدار الساعة الآخرة.
(أَفَلا تَعْقِلُونَ) أيّ الأمرين خير.
وقرأ نافع وابن عامر وحفص عن عاصم ويعقوب بالتاء ، على خطاب المخاطبين به ، أو تغليب الحاضرين على الغائبين.
وفي الآية تسلية للفقراء بما حرموا من متاع الدنيا ، وتقريع للأغنياء إذا ركنوا إلى حطامها ، ولم يعملوا لغيرها.
__________________
(١) الشورى : ٣٠.
(٢) مريم : ٨٥.