من تحت الأرض أو من فوق السماء لأتى بها رجاء إيمانهم.
(وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) بأن يأتيهم بآية ملجئة ، ولكن لم يفعل ، لخروجه عن الحكمة ، فإنّ الإلجاء مناف للتكليف الّذي هو مناط للعبادة. (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) من الّذين يجهلون ذلك ، ويرومون ما هو خلافه. أو من الجهلة بالحرص على ما لا يكون ، والجزع في مواطن الصبر ، فإنّ ذلك من دأب الجهلة.
والمراد : لا تجزع ولا تتحسّر لكفرهم وإعراضهم عن الإيمان. وغلّظ الخطاب تبعيدا وزجرا عن هذه الحال.
(إِنَّما يَسْتَجِيبُ) أي : ما يجيب الإيمان إلّا (الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) بفهم وتأمّل ، ويصغون إليك وإلى ما تقرأ عليهم من القرآن فينقادون له ، كقوله : (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (١). وهؤلاء الكفّار الّذين تحرص على إيمانهم كالموتى الّذين لا يسمعون ، فكما أيست أن تسمع الموتى كلامك إلى أن يبعثهم الله ، فكذلك آيس من هؤلاء أن يستجيبوا لك. (وَالْمَوْتى) أي : الّذين كالموتى في عدم الإصغاء لجاجا (يَبْعَثُهُمُ اللهُ) من القبر ، فيعلمهم حين لا ينفعهم الايمان (ثُمَّ إِلَيْهِ) إلى جزائه (يُرْجَعُونَ) فحينئذ يسمعون وإن لم ينفعهم ، وأمّا قبل ذلك فلا سبيل إلى إسماعهم.
(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٧))
ثمّ عاد إلى حكاية أقوال الكفّار ، فقال عاطفا على ما تقدّم : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ) بمعنى : أنزل (عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) أي : آية ممّا اقترحوه ، أو آية أخرى سوى ما أنزل من الآيات المتكاثرة ، لعدم اعتدادهم بها عنادا.
__________________
(١) ق : ٣٧.