وأقوالهم (وَلكِنْ ذِكْرى) ولكن عليهم أن يذكّروهم ذكرى وموعظة ، ويمنعوهم عن الخوض وغيره من القبائح ، ويظهروا كراهتها.
ويحتمل رفع «ذكرى» على تقدير : ولكن عليهم ذكرى. ولا يجوز عطفه على محلّ «من شيء» ، كقولك : ما في الدار من أحد ولكن زيد ، لأنّ «من حسابهم» يأباه. ولا على «شيء» لذلك ، ولأنّ «من» لا تزاد في الإثبات.
(لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) يجتنبون ذلك حياء ، أو كراهة لمساءتهم. ويحتمل أن يكون الضمير للّذين يتّقون. والمعنى : لعلّهم يثبتون على تقواهم ، ولا تنثلم بمجالستهم.
(وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً) أي : بنوا أمر دينهم على التشهّي ، وتديّنوا بما لا يعود عليهم بنفع عاجلا وآجلا ، كعبادة الأصنام وتحريم البحائر والسوائب. أو اتّخذوا دينهم الّذي كلّفوه لعبا ولهوا حيث سخروا به. أو جعلوا عيدهم الّذي جعل ميقات عبادتهم زمان لهو ولعب. والمعنى : أعرض عنهم ، ولا تبال بأفعالهم وأقوالهم. ويجوز أن يكون تهديدا لهم ، كقوله : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) (١). والمعنى : أعرض عنهم ، ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم ، ولا تشغل قلبك بهم. وعند من جعله منسوخا بآية السيف (٢) معناه : كفّ عنهم ، واترك التعرّض لهم.
(وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) يعني : اغترّوا بحياتهم حتى أنكروا البعث (وَذَكِّرْ بِهِ) أي : بالقرآن (أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ) أي : مخافة أن تسلم نفس إلى الهلاك والعذاب ، وترتهن بسوء كسبها. وأصل الإبسال المنع ، لأنّ المسلّم إليه يمنع المسلّم. ومنه أسد باسل ، لأنّ فريسته لا تفلت منه. والباسل : الشجاع ، لامتناعه من
__________________
(١) المدّثر : ١١.
(٢) التوبة : ٥ و٢٩.