النواة والحنطة. (يُخْرِجُ الْحَيَ) يريد به ما ينمو من الحيوان والنبات ، ليطابق ما قبله (مِنَ الْمَيِّتِ) ممّا لا ينمو ، كالنطف والبيض والحبّ والنوى (وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) ومخرج هذه الأشياء الميتة من الحيوان والنبات. ذكره بلفظ الاسم حملا على (فالِقُ الْحَبِّ) ، فإنّه معطوف عليه ، فإنّ قوله (يُخْرِجُ الْحَيَّ) واقع موقع البيان له. (ذلِكُمُ اللهُ) أي : ذلك المحي والمميت هو الّذي يحقّ له العبادة (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) تصرفون عنه إلى غيره.
(فالِقُ الْإِصْباحِ) شاقّ عمود الصبح عن الظلمة ، أو عن بياض النهار. أو شاقّ ظلمة الإصباح ، وهو الغبش (١) في آخر الليل. والإصباح في الأصل مصدر : أصبح ، إذا دخل في الصبح ، سمّي به الصبح.
(وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً) يسكن إليه التعب بالنهار ، لاستراحته فيه ، من : سكن إليه ، إذا اطمأنّ إليه استئناسا به ، واسترواحا إليه من زوج أو حبيب ، ومنه قيل للمرأة : سكن ، لأنّه يستأنس بها. أو يسكن فيه الخلق ، من قوله تعالى : (لِتَسْكُنُوا فِيهِ) (٢). ونصبه بفعل دلّ عليه «جاعل» ، لابه ، فإنّه في معنى الماضي. ويدلّ عليه قراءة الكوفيّين : وجعل الليل ، حملا على معنى المعطوف عليه ، فإنّ «فالق» بمعنى : فلق ، ولذلك قرئ به. أو به على أن لا يكون المراد منه معنى المضيّ ، بل يكون المراد منه جعلا مستمرّا في الأزمنة المختلفة. وعلى هذا يجوز أن يكون (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) عطفا على محلّ «الليل». ويشهد له قراءتهما بالجرّ. والأحسن نصبهما بـ «جعل» مقدّرا.
(حُسْباناً) أي : على أدوار مختلفة يحسب بهما الأوقات ، فيكونان علمي الحسبان ، يعلم حساب الأوقات بدورهما ومسيرهما. وهو مصدر : حسب بالفتح ،
__________________
(١) غبش الليل : خالط البياض ظلمته في آخره.
(٢) يونس : ٦٧.