كما أنّ الحسبان بالكسر مصدر : حسب. وقيل : جمع حساب ، كشهاب وشهبان.
(ذلِكَ) إشارة إلى جعلهما حسبانا ، أي : ذلك التسيير بالحساب المعلوم (تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ) الّذي قهرهما وسيّرهما على الوجه المخصوص (الْعَلِيمِ) بتدبيرهما ، والأنفع من التداوير الممكنة لهما.
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ) أي : خلقها لنفعكم (لِتَهْتَدُوا بِها) بضوئها وطلوعها ومواضعها (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) في ظلمات الليل في البرّ والبحر.
وإضافتها إليهما لملابستهما إيّاها. أو في مشتبهات الطرق. وسمّاها ظلمات على الاستعارة. وهو إفراد لبعض منافعها بالذكر بعد ما أجملها بقوله : «لكم». (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) بيّنّاها فصلا فصلا (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فإنّهم منتفعون به.
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) هو آدم عليهالسلام. وخلقت أمنّا حوّاء من ضلع من أضلاعه ، ومنّ علينا بهذا ، لأنّ الناس إذا رجعوا إلى أصل واحد كانوا أقرب إلى التوادّ والتعاطف والتآلف. (فَمُسْتَقَرٌّ) أي : فلكم استقرار في الأصلاب ، أو فوق الأرض (وَمُسْتَوْدَعٌ) واستيداع في الأرحام ، أو تحت الأرض. أو مستقرّ في الرحم ، ومستودع في الصلب. أو المراد منهما : موضع استقرار واستيداع.
وعن الحسن : يا بن آدم أنت وديعة في أهلك ، ويوشك أن تلحق بصاحبك.
وأنشد قول لبيد :
وما المال والأهلون إلّا وديعة |
|
ولا بدّ يوما أن تردّ الودائع |
وقرأ ابن كثير والبصريّان بكسر القاف ، على أنّه فاعل والمستودع مفعول ، أي : فمنكم قارّ ومنكم مستودع ، لأنّ الاستقرار منّا دون الاستيداع.
(قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ) بيّنّا الحجج ، وميّزنا الأدلّة (لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) ذكر «يعلمون» مع ذكر النجوم ، لأنّ أمرها ظاهر ، و «يفقهون» مع ذكر خلق بني آدم ، لأنّ إنشاءهم من نفس واحدة وتصريفهم بين أحوال مختلفة دقيق غامض يحتاج إلى