(وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) عطف على (نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ) ، أي : أخرجنا جنّات من أعناب.
(وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ) أيضا عطف على «نبات». والأحسن أن ينتصبا على الاختصاص ، لفضل هذين الصنفين عندهم ، كقوله : (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) (١) (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) حال من الرمّان أو من الجميع ، أي : بعض ذلك متشابه وبعضه غير متشابه ، في الصورة والقدر واللون والطعم. يقال : اشتبه الشيئان وتشابها ، كقولك : استويا وتساويا. والافتعال والتفاعل يشتركان كثيرا.
(انْظُرُوا) نظر اعتبار واستبصار واستدلال على كمال اقتداره وتدبيره (إِلى ثَمَرِهِ) أي : ثمر كلّ واحد من ذلك. وقرأ حمزة والكسائي بضمّ الثاء. وهو جمع ثمرة ، كخشب وخشبة ، أو ثمار ككتاب وكتب. (إِذا أَثْمَرَ) إذا أخرج ثمره ، كيف يثمر ضعيفا صغيرا لا يكاد ينتفع به (وَيَنْعِهِ) وإلى حال نضجه ، أو إلى نضيجه ، كيف يعود ضخما ذا نفع ولذّة. وهو في الأصل مصدر : ينعت الثمرة إذا أدركت.
وقيل : جمع يانع ، كتاجر وتجر. والمعنى : انظروا من ابتداء خروجه إذا أثمر إلى انتهائه إذا أينع وأدرك ، كيف تنتقل عليه الأحوال في الطعم واللون والرائحة والصغر والكبر.
(إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) بعلامات على وجود القادر الحكيم وتوحيده ، فإنّ حدوث الأجناس المختلفة والأنواع المفنّنة من أصل واحد ، ونقلها من حال إلى حال ، لا يكون إلّا بإحداث عالم قادر يعلم تفاصيلها ، ويرجّح ما تقتضيه حكمته ممّا يمكن من أحوالها ، ولا يعوّقه عن فعله ندّ يعارضه أو ضدّ يعانده ، ولذلك عقّبه بتوبيخ من أشرك به والردّ عليه ، فقال : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) هما مفعولا «جعل». وقوله : (الْجِنَ) بدل من «شركاء». ويجوز أن يكون «شركاء
__________________
(١) الحجّ : ٣٥.