الخبر ، والمبتدأ محذوف. أو على الابتداء ، وخبره قوله : (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) أي :من أين وكيف يكون له ولد؟ ولا يستقيم أن يوصف بالولادة ، لأنّ الولادة من صفات الأجسام ، وصانع الأجسام ليس بجسم حتّى يكون والدا ، ولأنّ الولادة لا تكون إلّا بين زوجين.
(وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) يكون منها الولد (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) لا يخفى عليه خافية. ولم يقل : «به» لتطرّق التخصيص إلى الأوّل.
وفي الآية استدلال على نفي الولد من ثلاثة وجوه :
الأوّل : أنّه من مبدعاته السماوات والأرضون ، وهي مع أنّها من جنس ما يوصف بالولادة مبرّأة عنها ، لاستمرارها وطول مدّتها ، فهو أولى بأن يتعالى عنها.
والثاني : أنّ المعقول من الولد ما يتولّد من ذكر وأنثى متجانسين ، والله تعالى منزّه عن المجانسة.
والثالث : أنّ الولد كفؤ لوالده ، ولا كفؤ له لوجهين : الأوّل : أنّ كلّ ما عداه مخلوقه ، فلا يكافئه. والثاني : أنّه سبحانه لذاته عالم بكلّ المعلومات ، ولا كذلك غيره بالإجماع.
(ذلِكُمُ) إشارة إلى الموصوف بما سبق من الصفات. وهو مبتدأ. (اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) أخبار مترادفة. ويجوز أن يكون البعض بدلا أو صفة ، والبعض خبرا. (فَاعْبُدُوهُ) حكم مسبّب عن مضمون الجملة ، فإنّ من استجمع هذه الصفات استحقّ العبادة (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) أي : وهو مع تلك الصفات متولّي أموركم ، فكلوها إليه ، وتوسّلوا بعبادته إلى إنجاح مآربكم ، ورقيب على أعمالكم ، فيجازيكم عليها.
(لا تُدْرِكُهُ) لا تحيط به (الْأَبْصارُ) جمع بصر ، وهو الجوهر اللطيف الّذي به تدرك المبصرات. وقد يقال للعين من حيث إنّها محلّها. والمعنى : أنّه متعال أن