(وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) أي : وأحسنوا بهما إحسانا. وضعه موضع النهي عن الإساءة إليهما للمبالغة ، وللدلالة على أنّ ترك الإساءة في شأنهما غير كاف ، بخلاف غيرهما.
(وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ) من أجل فقر ، أو من خشية إملاق (نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) منع لموجبيّة ما كانوا يفعلون لأجله ، واحتجاج عليه.
(وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ) كبائر الذنوب كلّها (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) بدل منه. وهو مثل قوله : (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) (١).
وعن الباقر عليهالسلام : «ما ظهر هو الزنا ، وما بطن هو المخالّة» (٢).
وعن ابن عبّاس : أنّهم كانوا لا يرون بالزنا في السرّ بأسا ، ويمنعون منه علانية ، فنهى الله عنه في الحالتين.
(وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ) هي نفس المسلم والمعاهد (إِلَّا بِالْحَقِ) كالقود وقتل المرتدّ ورجم المحصن. وعلى الأوّل ذكر هذا النهي ـ وإن كان داخلا في الفواحش ـ تعظيما لشأنه.
(ذلِكُمْ) إشارة إلى ما ذكر مفصّلا (وَصَّاكُمْ بِهِ) بحفظه ، فتحلّلوا ما حلّله لكم ، وتحرّموا ما حرّمه عليكم (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ترشدون ، فإنّ كمال العقل هو الرشد.
(وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) المراد بالقرب التصرّف فيه (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) إلّا بالفعلة أو الخصلة الّتي هي أحسن ما يفعل بماله ، كحفظه وتثميره (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) حتّى يصير بالغا كامل العقل ، ثمّ ادفعوه إليه. وهو جمع شدّة كنعمة وأنعم ، أو شدّ كصرّ وأصرّ. وقيل : هو كآنك (٣). وإنّما خصّ مال اليتيم بالذكر ، لأنّه لا
__________________
(١) الأنعام : ١٢٠.
(٢) المخالّة : المصادقة.
(٣) الآنك : الأسربّ. وأفعل من أبنية الجمع ، ولم يجيء عليه الواحد إلّا آنك وأشدّ. الصحاح