الموجد والمتصرّف مطلقا ، أي : هو الّذي خلق الأشياء ، وهو الّذي صرّفها على حسب إرادته (تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) تعالى بالوحدانيّة والألوهيّة ، وتعظّم بالتفرّد في الربوبيّة.
قال في الأنوار : «وتحقيق الآية والله أعلم : أنّ الكفرة كانوا متّخذين أربابا ، فبيّن لهم أنّ المستحقّ للربوبيّة واحد ، وهو الله تعالى ، لأنّه الّذي له الخلق والأمر ، فإنّه تعالى خلق العالم على ترتيب قويم وتدبير حكيم ، فأبدع الأفلاك ثمّ زيّنها بالكواكب ، كما أشار إليه بقوله : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) (١).
وعمد إلى إيجاد الأجرام السفليّة ، فخلق جسما قابلا للصور المتبدّلة والهيئات المختلفة. ثمّ قسّمها بصور نوعيّة متضادّة الآثار والأفعال ، وأشار إليه بقوله : (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) (٢) أي ، ما في جهة السفل في يومين.
ثمّ أنشأ أنواع المواليد الثلاثة : المعادن ، والحيوان ، والنبات ، بتركيب موادّها أوّلا ، وتصويرها ثانيا ، كما قال بعد قوله : (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) : (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) (٣) أي : مع اليومين الأوّلين ، لقوله في سورة السجدة : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) (٤).
ثمّ لمّا تمّ له عالم الملك عمد إلى تدبيره كالملك الجالس على عرشه لتدبير المملكة ، فدبّر الأمر من السماء إلى الأرض ، بتحريك الأفلاك ، وتسيير الكواكب ، وتكوير الليالي والأيّام.
__________________
(١) فصّلت : ١٢. (٢ ، ٣) فصّلت : ٩ ـ ١٠.
(٤) السجدة : ٤.