ثمّ قال لهم نوح : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) (١) الآيات. فأعذر إليهم وأنذر ، فلم يزدادوا إلّا كفرا. فلمّا يئس منهم أقصر عن كلامهم ودعائهم ، فلم يؤمنوا (وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً) (٢) الآية ، يعني : آلهتهم ، حتى غرقهم الله وآلهتهم الّتي كانوا يعبدونها.
وبعد نوح عبد الناس الأصنام ، وسمّوا أصنامهم بأسماء أصنام قوم نوح.
فاتّخذ أهل اليمن يغوث ويعوق ، وأهل دومة الجندل اتّخذوا صنما سمّوه ودّا ، واتّخذت حمير صنما سمّته نسرا ، وهذيل صنما سمّوه سواعا. فلم يزالوا يعبدونها حتّى جاء الإسلام.
وسنذكر قصّة السفينة والغرق في سورة هود عليهالسلام إن شاء الله.
وروى الشيخ أبو جعفر بإسناده في كتاب النبوّة مرفوعا إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لمّا بعث الله عزوجل نوحا دعا قومه علانية ، فلمّا سمع أولاد هبة الله ـ يعني :شيث عليهالسلام ـ من نوح تصديق ما في أيديهم من العلم ، وعرفوا أنّ العلم الّذي في أيديهم هو العلم الّذي جاء به نوح ، صدّقوه وسلّموا له. فأمّا ولد قابيل فإنّهم كذّبوه وقالوا : إنّ الجنّ كانوا قبلنا فبعث الله إليهم ملكا ، فلو أراد أن يبعث إلينا لبعث إلينا ملكا من الملائكة».
وروى عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال : سمعت عليّ بن محمّد عليهالسلام يقول : «عاش نوح عليهالسلام ألفين وخمسمائة سنة ، وكان يوما في السفينة نائما فهبّت ريح فكشفت عورته ، فضحك حام ويافث ، وزجرهما سام ونهاهما عن الضحك ، وكان كلّما غطّى سام ما يكشفه الريح كشفه حام ويافث ، فانتبه نوح فرآهم يضحكون فقال : ما هذا؟ فأخبره سام بما كان ، فرفع يده إلى السماء
__________________
(١) هود : ٣٦.
(٢) نوح : ٢٣.