أشقى الأوّلين؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : عاقر الناقة. قال : أتدري من أشقى الآخرين؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : الّذي يخضب هذه من هذه ، وأشار إلى لحيته ورأسه».
(وَعَتَوْا) واستكبروا وتولّوا (عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) عن امتثاله ، وهو ما بلّغهم صالح بقوله : «فذروها». أو عن شأن ربّهم ، وهو دينه. (وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا) من العذاب. وإنّما استعجلوه لتكذيبهم به ، ولذلك علّقوه بما كانوا به كافرين ، وهو قوله : (إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) من عند الله.
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) أي : الصيحة الّتي زلزلت لها الأرض واضطربوا لها ، أو الزلزلة الّتي زلزلت بها الأرض (فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ) في مساكنهم وبلادهم (جاثِمِينَ) صرعى ميّتين هامدين لا حراك بهم. يقال : الناس جثم ، أي : قعود لا حراك بهم. ومنه المجثمة الّتي جاء النهي عنها ، وهي البهيمة تربط وتجمع قوائمها لترمى.
وعن جابر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا مرّ بالحجر قال : «لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح فأخذتهم الصيحة ، فلم يبق منهم إلّا رجل واحد كان في حرم الله.
قالوا : من هو؟ قال : ذاك أبو رغال ، فلمّا خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه.
وروي أنّ صالحا كان بعثه إلى قوم فخالف أمره».
(فَتَوَلَّى عَنْهُمْ) تولّى يتحسّر على ما فاته من إيمانهم ويتحزّن لهم (وَقالَ يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) لقد بذلت فيكم وسعي ، ولم آل جهدا في النصيحة لكم (وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) حكاية حال ماضية. وظاهره يدلّ أنّ تولّيه عنهم كان بعد أن أبصرهم موتى صرعى ، ولعلّه خاطبهم به بعد هلاكهم ، كما خاطب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل قليب بدر ، وقال : إنّا وجدنا ما وعدنا ربّنا حقّا ، فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا؟ أو ذكر ذلك على سبيل التحسّر عليهم كما مرّ ، كما يقول