لوطا. وهو لوط بن هاران بن تارخ ابن أخي إبراهيم الخليل. وقيل : إنّه كان ابن خالة إبراهيم ، وكانت سارة امرأة إبراهيم أخت لوط. (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) وقت قوله لهم. أو واذكر لوطا. و «إذ» بدل منه. (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) توبيخ وتقريع على تلك الفعلة المتمادية في القبح ، وهي إتيان الرجال في أدبارهم. (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) ما عملها قبلكم أحد قطّ.
والباء للتعدية. و «من» الأولى لتأكيد النفي والاستغراق ، والثانية للتبعيض ، والجملة استئناف مقرّر للإنكار ، كأنّه وبّخهم أوّلا بإتيان الفاحشة ثمّ باختراعها ، فإنّه أسوأ.
وقوله : (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) بيان لقوله : (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ). وهو أبلغ في الإنكار والتوبيخ. وقرأ نافع وحفص : إنّكم ، على الإخبار المستأنف. و «شهوة» مفعول له ، أي : للاشتهاء. أو مصدر موضع الحال ، أي : ذوي شهوة. وفي التقييد بها وصفهم بالبهيميّة الصرفة ، وتنبيه على أنّ العاقل ينبغي أن يكون الداعي له إلى المباشرة طلب الولد وبقاء النوع ، لا قضاء الوطر. و (مِنْ دُونِ النِّساءِ) في موضع الحال أيضا ، أي : تاركين إتيان النساء اللاتي أباح الله إتيانهنّ ، أي : مجامعتهنّ ، من : أتى المرأة إذا غشيها.
(بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) متجاوزون الحدّ في الفساد ، حتى تجاوزتم المعتاد إلى غير المعتاد. وهذا إضراب عن الإنكار إلى الإخبار عن حالهم الّتي أدّت بهم إلى ارتكاب أمثالها ، وهي اعتياد الإسراف في كلّ شيء. أو عن الإنكار عليها إلى الذمّ على جميع معايبهم. أو عن محذوف ، مثل : لا عذر لكم فيه ، بل أنتم قوم عادتكم الإسراف.
(وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) يعني : ما أجابوا لوطا عمّا كلّمهم به بما يكون جوابا ، ولكنّهم جاؤا بما لا يتعلّق بكلامه ونصيحته ،