خواصّهم ما يرونه من الرأي إلى العامّة. والمعنى : قال الأشراف من قومه لمن دونهم في الرتبة ، أصالة أو نيابة : (إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ).
(يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) بسحره (فَما ذا تَأْمُرُونَ) تشيرون في أن نفعل ، من : أمرته فأمرني بكذا ، إذا شاورته فأشار عليك برأي. وقيل : هذا قول الأشراف بعضهم لبعض على سبيل المشورة. ويحتمل أن يكون خطابهم إلى فرعون ، وإنّما قالوا : «تأمرون» بلفظ الجمع على خطاب الملوك.
(قالُوا) لفرعون (أَرْجِهْ وَأَخاهُ) أي : أخّر أمرهما حتّى ترى رأيك فيهما وتدبير أمرهما.
وأصله : أرجئه ، كما قرأ أبو عمرو وأبو بكر ويعقوب ، من : أرجأت. وكذلك : أرجئهو ، على قراءة ابن كثير وهشام عن ابن عامر على الأصل في الضمير. أو : أرجهي ، من : أرجيت ، كما قرأ نافع في رواية ورش وإسماعيل والكسائي. وأمّا قراءة نافع في رواية قالون : أرجه بحذف الياء ، فللاكتفاء بالكسرة عنها. وأمّا قراءة عاصم وحمزة : أرجه بسكون الهاء ، فلتشبيه المنفصل بالمتّصل ، وجعل «جه» كـ «إبل» في إسكان وسطه. وأمّا قراءة ابن ذكوان عن ابن عامر : أرجئه بالهمزة وكسر الهاء ، فلا يرتضيه النحاة ، فإنّ الهاء لا تكسر إلّا إذا كان قبلها كسرة أو ياء ساكنة.
ووجهه أنّ الهمزة لمّا كانت تقلب ياء أجريت مجراها.
(وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ) التي حولك (حاشِرِينَ) جامعين للسحرة ، يحشرون من يعلمونه منهم. وعن ابن عبّاس : هم أصحاب الشرط ، أرسلهم في حشر السحرة ، وكانوا اثنين وسبعين رجلا.
(يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) ليجتمعوا ويعارضوا موسى فيغلبوه. وقرأ حمزة والكسائي : بكلّ سحّار ، فيه وفي يونس (١). ويؤيّده اتّفاقهم عليه في الشعراء (٢).
__________________
(١) يونس : ٧٩.
(٢) الشعراء : ٣٧.