عليه. أو مبالغة في سرعة خرورهم وشدّته ، كأنّما ألقاهم ملق. أو أنّهم لم يتمالكوا ممّا رأوا ، فكأنّهم ألقوا.
(قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) أبدلوا الثاني من الأوّل ، لئلّا يتوهّم أنّهم أرادوا به فرعون.
وعن قتادة : كانت السحرة أوّل النهار كفّارا سحرة ، وفي آخره شهداء بررة.
(قالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ) بالله ، أو بموسى. والاستفهام فيه للإنكار. وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم ، وروح عن يعقوب ، بتحقيق الهمزتين على الأصل. وقرأ حفص : آمنتم به على الإخبار. وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر : ءامنتم ، بهمزة ومدّة طويلة في تقدير ألفين. (قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) قبل أن أرخّص لكم بالإيمان.
(إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ) أي : إنّ هذا الصنيع لحيلة احتلتموها أنتم وموسى (فِي الْمَدِينَةِ) في مصر قبل أن تخرجوا للميعاد (لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها) يعني : القبط ، وتخلص لكم ولبني إسرائيل (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) عاقبة ما فعلتم.
وهو تهديد مجمل ، تفصيله : (لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) أي : من كلّ شقّ طرفا. وعن الحسن : هو أن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى. (ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ) تفضيحا لكم ، وتنكيلا لأمثالكم.
قيل : إنّه أوّل من سنّ ذلك ، فشرعه الله تعالى للقطّاع ، تعظيما لجرمهم.
(قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) بالموت لا محالة ، فلا نبالي بوعيدك. أو إنّا لمنقلبون إلى ربّنا وثوابه إن فعلت بنا ذلك ، كأنّهم استطابوه شغفا على لقاء الله تعالى. أو مصيرنا ومصيرك إلى ربّنا ، فيحكم بيننا.
(وَما تَنْقِمُ مِنَّا) وما تعيب وتنكر منّا (إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا) أي : إلّا الايمان بآيات الله ، وهو خير الأعمال ، وأصل كلّ منفعة وخير. ومثله قول الشاعر :