لَيْلَةً) لإعطاء التوراة. وهو شهر ذي القعدة. وقرأ أبو عمرو ويعقوب : ووعدنا.
(وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ) من ذي الحجّة (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ) فتمّ ما وقّته الله له من الوقت وضربه له (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) أي : بالغا هذا العدد. ونصبه على الحال.
وروي أنّ موسى عليهالسلام وعد بني إسرائيل وهو بمصر : إن أهلك الله عدوّهم أتاهم بكتاب من عند الله فيه بيان ما يأتون ويذرون. فلمّا هلك فرعون سأل موسى ربّه الكتاب ، فأمره بصوم ثلاثين يوما ، فلمّا أتمّ الثلاثين أنكر خلوف (١) فيه ، فتسوّك. فقالت الملائكة : كنّا نشمّ من فيك رائحة المسك ، فأفسدته بالسواك.
وقيل : أوحى الله إليه : أما علمت أنّ خلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك؟ فأمره الله أن يزيد عليها عشرة أيّام من ذي الحجّة لذلك.
وقيل : أمره الله بأن يصوم ثلاثين يوما ، وأن يعمل فيها بما يقرّبه من الله ، ثم أنزلت عليه التوراة في العشر ، وكلّم فيها.
ولقد أجمل ذكر الأربعين في سورة البقرة ، وفصّلها هاهنا.
(وَقالَ مُوسى) وقت خروجه إلى الميقات (لِأَخِيهِ هارُونَ) عطف بيان لأخيه (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي) كن خليفتي فيهم (وَأَصْلِحْ) ما يجب أن يصلح من أمورهم. أو كن مصلحا في حال غيبتي. (وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) ولا تتّبع من سلك الإفساد ، ولا تطع من دعاك إليه. أراد بذلك إصلاح قومه ، وإن كان المخاطب به أخاه.
وقيل : إنّما أمر موسى أخاه هارون بأن يخلفه وينوب عنه في قومه مع أنّ هارون كان نبيّا ، لأنّ الرئاسة كانت لموسى عليهالسلام عليه وعلى أمّته ، ولم يكن يجوز أن يقول هارون لموسى ذلك. وفي هذا دلالة على أنّ منزلة الإمامة منفصلة من النبوّة وغير داخلة فيها ، وإنّما اجتمع الأمران لأنبياء مخصوصين ، لأنّ هارون لو كان له
__________________
(١) خلف خلوفا فم الصائم : تغيّرت رائحته وفسدت.