أيديهم بعد هلاك فرعون وقومه. وأضافها إليهم ، لأنّها كانت في أيديهم ، أو ملكوها بعد هلاكهم. وهو جمع حلي ، كثدي وثديّ. وقرأ حمزة والكسائي بالكسر (١) بالاتباع ، كدليّ (٢). ويعقوب على الإفراد (٣) ، لأنّه اسم جنس.
(عِجْلاً جَسَداً) أي : جسدا من الذهب خاليا من الروح. وعن وهب بدنا ذا لحم ودم. (لَهُ خُوارٌ) صوت البقر.
قيل : إنّ السامريّ صاغ العجل من الحليّ ، فالقى في فمه من تراب أثر فرس جبرئيل عليهالسلام الّذي قبضه يوم قطع البحر ، فصار عجلا حيّا فصاح.
وقيل : صاغه بنوع من الحيل ، فتدخل الريح جوفه وتصوّت.
وإنّما نسب الاتّخاذ إليهم وهو فعله ، إمّا لأنّهم رضوا به. أو لأنّ السامريّ بين ظهرانيّهم فعل ذلك ، كما يقال : بنو تميم قالوا كذا وفعلوا كذا ، والقائل والفاعل كان واحدا منهم. أو لأنّ المراد اتّخاذهم إيّاه إلها ، فحذف المفعول الثاني.
(أَلَمْ يَرَوْا) حين اتّخذوه إلها (أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً) حتّى لا يتّخذوه معبودا. وهذا تقريع على فرط ضلالتهم وإخلالهم بالنظر. والمعنى : ألم يروا حين اتّخذوه إلها أنّه لا يقدر على كلام ، ولا على إرشاد سبيل كآحاد البشر ، حتّى حسبوا أنّه خالق الأجسام والقوى والقدر؟! ثمّ ابتدأ فقال : (اتَّخَذُوهُ) تكرير للذمّ ، أي : أقدموا على ما أقدموا عليه من الأمر المنكر الّذي هو اتّخاذ العجل إلها (وَكانُوا ظالِمِينَ) واضعين الأشياء في غير مواضعها ، فلم تكن عبادة العجل بدعا منهم.
(وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ) كناية عن اشتداد ندمهم على عبادة العجل ، فإنّ
__________________
(١) أي : حليّهم.
(٢) جمع الدلو.
(٣) أي : حليهم.